- والإنسان عندما يتخذ صاحبا له لا بد أن يكون هناك رابط بينهما هو الذي أدى إلى اجتماعهما وصحبتهما، فالذي ينظر في المجتمع يجد أن الناس تصنفوا إلى عدة أصناف، والسبب في ذلك هو اختلاف مقاصدهم وأحوالهم وأخلاقهم وصفاتهم؛ فأهل الطاعة والإيمان تجمعهم الطاعة والإيمان بالله تعالى، وأهل المعصية تجمعهم معصيتهم به، وهو الغني عن طاعتهم ومعصيتهم، وإن للمصاحبة دخْلًا عظيمًا في الأخلاق والأعمال، فلا بد أن يهتم الإنسان في مصاحبة الأخيار لعل أفعالهم الحميدة تؤثر فيه، كما لا بد أن يحترز من مصاحبة الأشرار حذراً من تأثير قبائحهم.
- دعا الإسلام المسلمين إلى حُسن اختيار الصحبة، وحذَّر من سوء اختيارها، وبالذات صحبة السوء الذين يضرون بمجاهرتهم بالمعاصي، ويباشرون الفواحش، ويسلكون طريق الضياع دون أي رادع ديني أو أخلاقي لما في صحبتهم من الداء، وما في مجالستهم من الوباء، وحث الإسلام المسلم على اختيار الصحبة الصالحة والارتباط بأصدقاء أهل الخير والصدق والوفاء الذين إذا نسي الله وإطاعته وابتعد عنه ذكَّروه وأعادوه وأعانوه وقرَّبوه، ومن الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الصديق حتى يكون صديقاً صالحا: أن يكون مُقَرِّبًا من الله ومساعِدًا على طاعته قولا وفعلا وسلوكًا وصفاتًا حميدة وأخلاقًا حسنة؛ كالصدق والأمانة؛ فيراعي الحلال والحرام، حَسن السيرة والسريرة والسلوك، واصلًا لِرَحِمِه وبارًّا بوالديه، يعمل ويكسب بالحلال، ويفيده في التذكير بكل خير ومنفعة بالدين، ويذكِّره بالآخرة، وأن يكون ناصحًا أمينًا، وبالتالي يبعده عن ضدِّ ذلك من الصفات.
- الصداقة إذا لم تكن على طاعة الله، فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة؛ قال تعالى: {الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}، وقد جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار-: «المرء على دين خليله وقرينه» ومهما كان المسلمُ وحيدًا فهو خير له من صحبة السوء؛ كما ورد في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه الأخبار-: «الوحدة خير من قرين السوء» . اختيار الأصدقاء إن الصحبة تؤثِّر على حياة الإنسان، فتجعله من الأخيار أو من الأشرار، ولذا ورد التحذير الشديد من اختيار رفقة السوء، والحثُّ على حُسن اختيار الأصدقاء. فالمطلوب من المسلم أن يُحسن اختيار أصدقائه، لأنَّه يتأثر بدينهم وعملهم وأخلاقهم؛ فإن كانوا أصدقاء سوء تأثر بهم وأخلاقهم السيئة، وإن لم يشاركهم أعمالهم السيئة، فإنَّه وافقهم عليها، وهذا إثم كبير يقع فيه، ويصنَّف تبعًا لهم، وخاصة عندما نرى صحبة بين امرأة مؤمنة محجبة ملتزمة تخاف الله ظاهرًا وباطنًا، وتراعي الحدود الشرعية، وتعمل الصالحات، وأخرى فاسقة متبرِّجة غير ملتزمة، ﻻ تخاف الله، وﻻ تراعي الحدود الشرعية، وتعمل الموبقات.
-علينا المسؤولية في اختيار الصحبة، ونكون إمَّا هادين للناس إلى الخير وطاعة الله أو مَهْدِيِّين للخير وطاعة الله من هؤلاء، وليس العكس، وصدق من قال: «قُلْ لي من تصاحب أَقُلْ لك من أنت». وإن كانوا أصدقاء خير تأثر بأخلاقهم الحميدة وأعمالهم المُرضية لله -عز وجل-، وكانوا له عونا على طاعة المولى -عز وجل-، و يبيِّنون له مَواطن العلل، فيعمد إلى إصلاح نفسه؛ لأن هناك من يذكِّره بتقوى الله، ويذكِّره بالموت وغُمَّتَِه، والقبر وظُلمتِه، ويومِ القيامة وحسرتِه، والنارِ وعذابِها، والجنةِ ونعيمِها؛ ففي الحديث الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وآله وصحبه الأخيار-: «المؤمن مرآة أخيه».
- خلاصة القول: إنَّ مخالطة الناس ضرورة لا غنى عنها، فينبغي للمسلم أن يملك الميزان الأساس في الصحبة، وهو التقريب إلى رضا الله والإبعاد عن سخطه، والتقريب من الإيمان والإبعاد عن الكفر والفسوق والعصيان، وبالتالي التقريب من الجنة والإبعاد عن النار، فيجمع بهذه الصحبة بين الفائدة الدنيوية والأخروية.
@sayidelhusseini