وأوضح المختصون خلال حديثهم لـ"اليوم" عن أهمية الاكتشافات التي تنوعت ما بين أواني وشواهد القبور من الأحجار المنقبية والجرانيت والرخام، التي حُفر عليها بعض الكتابات وجدت في مقابر جدة التاريخية.
قلعة الشونة
ويرجح المختصون أن البعض منها يعود إلى القرن الثاني والثالث الهجري، مؤكدين أن من أهم مكتسباتهم هي الخبرة وإشباع الشغف، ومشاهدة تلك الآثار للحفاظ عليها للأجيال القادمة.أكد المستشار التنفيذي في برنامج جدة التاريخية م. سامي نوار، أن عملية التنقيب كشفت عن الواجهة الرئيسية الغربية لقلعة الشونة بعد إزالة المباني الحديثة، والتي كانت على المبنى.
وأوضح أن عملية التنقيب كشفت عن البرج والبوابة للقلعة، وما زالت الأعمال قائمة، وجرى العمل عليها يدوياً خطوة بخطوة دون إحداث أي ضرر أو تأثير على المبنى.
وأكد أن القلعة اختلفت النظريات عليها، وجرى اكتشاف آثار تعود للقرنين الخامس عشر والسادس عشر، موضحاً أن بناء القلعة على جزئيين، جزء عسكري يتكون من صخور كبيرة قادرة على تحمل الضربات العسكرية خصوصاً أنها على الواجهة البحرية التي كانت متواجدة في الماضي، والجزء الأخر المدني والتي تتكون من صخور أقل سماكة.
المنطقة التاريخية
فيما عبرت المهندس في إدارة العانية بالأثار بجدة التاريخية م. دانية باعيسى، عن اعتزازها بكونها سعودية وشاركت في مشروع التنقيب الأثري، والذي يعد أول مشروع تنقيب أثري في المنطقة التاريخية.وأضافت أن ذلك يعد أول تجربه لها، مؤكدة أن موقع الشونة الأثري جرى استعماله عدة استعمالات عبر القرون، منها العسكري في القرن الثالث عشر، وبعد ذلك تم استخدامه لتخزين المواد المستوردة في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
الخرائط القديمة
وأشار أخصائي الآثار السعودي م. أحمد الفالح، إلى أنه قبل عمليات التنقيب تكون هناك دراسات والمخطوطات والخرائط القديمة، وبعد اتضاح وجود ملامح دفن وتوسعة، تم فتح مربع الاستكشاف والتي أثبتت وجود آثار تثبت وجود قطع أثرية قيمة.وأكد أنه جرى اكتشاف بئرين وصهريج قديمة لتغذية المسجد بالمياه، موضحاً أن جدة التاريخية مرت بعصور كثيرة من عهد الخلفاء الراشدين ثم العهد الأموي والعباسي وحتى العصر الحديث.
وتابع بأن الصور الجانبية للمسجد توضح مراحل التنقيب والمنطقة قبل وبعد، وبين أن التجربة اشبعت الشغف الذي كان يمتلكه كأخصائي آثار، واكتسبت العديد من الخبرات مع الاحتكاك بالخبرات الأجنبية في عمليات التنقيب والبحث.
مسجد عثمان بن عفان
وقال المهندس بإدارة العناية بالآثار بجدة التاريخية م. راكان البخاري، إن مسجد عثمان بن عفان تم بناءه في صدر الإسلام في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، حين اعتمد جدة كميناء لمكة المكرمة وبوابة للحرمين الشريفين.وأكد أن الموقع شهد أهم الاكتشافات في جدة التاريخية، منها ساريتين من خشب الأبنوس التي عُثر عليها معلقة على جانبي المحراب أثناء أعمال التنقيب والبحث الأثري في المسجد، وتعود إلى القرن الأول والثاني الهجري (السابع والثامن الميلادي).
وأضاف: كما وجد فيها أكثر من 17 ألف مواد متنوعة، ومازال البحث والتنقيب في الموقع بحسب الدراسات العلمية يشملها تحليل التربة وغيرها.
برنامج جدة التاريخية
الجدير بالذكر أن برنامج جدة التاريخية أعلن بالتعاون مع هيئة التراث اليوم، عن اكتشاف ما يقارب 25 ألف بقايا من مواد أثرية يعود أقدمها إلى القرن الأول والثاني الهجري (من القرن السابع والثامن الميلادي).وذلك في ظل سعي مشروع إعادة إحياء جدة التاريخية الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- للمحافظة على الآثار الوطنية، وإبراز المواقع ذات الدلالات التاريخية والعناية بها، وتعزيز مكانة جدة التاريخية كمركز حضاري، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في العناية بالمواقع الأثرية.
المواقع الرئيسية
وبينت مدير إدارة العناية بالآثار بجدة التاريخية د. لورنس هابيوت، أن الإعلان عن المكتشفات خطوة كبيرة لهذا البرنامج وهذا المشروع، لأنه يمكننا الآن كشف النقاب عن المكتشفات في جدة التاريخية، وهناك الكثير منها وهو المشروع الأول من نوعه لأنها المرة الأولى التي تجرى فيها عمليات تنقيب في قلب جدة.وقالت: لدينا مكتشفات من مواقع مختلفة، والموقع الذي نحن فيه الآن هو موقع الشونة الأثري والذي كشف لنا ووجدنا فيه العديد من الخزف، ولكن ما هو مميز حقًّا أنه وفي قلب جدة والتي تعد مدينة حيوية ومتطورة لدينا بقايًا أثرية بارتفاع 4 أمتار، وهذا ما يجعل الموقع من المواقع الرئيسية لنا في هذا المشروع.
الطبقات الأثرية
وأوضحت هايبوت أنه ظهرت النتائج الأولية للقلعة، وتتمثل في أنه قبل القرن التاسع عشر كانت وظيفتها عسكرية، وهذا هو سبب وجود البرج هنا، وبعد ذلك وأثناء القرن التاسع عشر استخدم كمستودع حكومي للعتاد والبضائع، وبعد ذلك في بداية القرن العشرين أصبح ملكية خاصة حتّى وقت قريب.وأشارت إلى الأماكن التي يعمل فيها الأخصائيين وفريق المكون من 40 شخصا يعملون في وقت واحد وبمهام متنوعة.
وأكدت أنه ما زال هناك الكثير من الاكتشافات للتنقيب عنها، والمزيد من الطبقات الأثرية للكشف عنها، قائلة: "أجرينا حملتين للتنقيب وهناك المزيد من الحملات، وآمل أن نكمل موقع قلعة الشونة قريبا".