من الملاحظ في الآونة الماضية ظاهرة تحريض الانسان على الوحدة وعلى الابتعاد عن الناس وأنه قادر على التكيف عليها بشكل او بآخر.
ومن حقيقة الأمر أن الإنسان لم يخلق وحيدًا، فالأصل لكل نفس زوجها، وخلق سبحانه وتعالى المرأة من ضلع الرجل ليكون بينهما مودة ورحمة وانسجام كأنهما توأمان، ومن هنا جاءت عبارة توأم الروح وإن كانت كلمة توأم الروح غير دقيقة، فالأصح روح واحدة مقسومة إلى اثنين.
خلق الانسان وبطبعه يحب المشاركة والتحدث، فبطبيعة حال الإنسان لا يستطيع أن يكون وحيدًا فكل الكلام والمنشورات التي تحثّ على الوحدة والعزلة ماهي الا كذب وخزعبلات لا حقيقة لها.
المشكلة في مشاعر وتساؤلات كثيرة عند البعض:
أولها هل انا مرغوب بي أم أني ثقيل؟
هل أبادر أم انتظر منهم المبادرة؟
هل هؤلاء الأشخاص مناسبين للتحدث؟
هل أفكارنا ورغباتنا متشابهة أم تختلف اهتماماتنا ومبادئنا؟
وبعد الكثير من التردد تتوقف المحادثات وتموت الرغبة بالتحدث وخوض النقاشات.
ومن أشكال الوحدة هي العزلة التي تنجم عن سوء الفهم والأسوأ منها الجلوس مع من يشعرك بها حقًا.
"لا تأتي الوحدة من عدم وجود أشخاص حولك، لكنّها تأتي من عدم القدرة على التكلم معهم عن الأمور المهمة بالنسبة لك، "كارل يونغ".
- لكل مرحلة في حياة الإنسان تجاربها وأحاديثها وناسها، فيسوق الله لك الأصدقاء لوقت الشدة وأصدقاء لوقت الفرح وأصدقاء لأمور مختلفة تجدهم دائمًا في كل حين، ولكن مع سرعة الزمن أصبح لكل منا انشغالاته الخاصة وأولويات تشغله بالفعل عن الحياة الاجتماعية.
ولكن حقيقة الآمر أننا بحاجة للحديث وبحاجة ماسّة لأذن تصغي لنا ومشاركة أمور شتى لأصدقاء صادقين في المواساة والطبطبة على القلب وليس للجدال او الملامة.
"في المواساة يفوز الحنون لا النصوح"، الشعور بالوحدة أمر لا يمكن الاستهانة به فهو يؤثر على الصحة العقلية والنفسية، إذ إن الشعور المستمر بالوحدة يحفز ظهور مشاعر الفرد السيئة تجاه حياته ككل، وقد يؤدي هذا في نهاية المطاف إلى الاكتئاب.
والاكتئاب هو حالة نفسية أخرى تقود إلى مزيد من العزلة، مما يجعل شعورك بالوحدة أسوأ ويمكن بعد ذلك ومع الوقت أن تؤثر الوحدة على جودة حياة الانسان.
عند الفقد وعند المرض والعجز وايضًا عند الفرح كلها مواقف تحتاج لأشخاص يساندونك بها حتى مسيرة النجاح والتفوق ومراتب الشرف والترقية لطالما كان خلفها أشخاص يدعموننا بتشجيعهم، مساندتهم وإخلاصهم لنا في كل ظرف مررنا به.
ربما نستطيع أن نتغلب على المشاعر السلبية ونستطيع ايضًا أن نسعى لننجح وحدنا ولكن بالنهاية نحتاج لمن يمد لنا يد العون ونمد له يدنا أيضاَ.