أهم استكشافات التنوع الحيوي
وقد وفرت الرحلة مخزوناً فريداً من التنوع الحيوي بدءاً من البكتيريا وحتى الحيتان، وقاعدة بيانات لحالة البيئات وبعض أنواع الكائنات المهمة لغرض حمايتها، ولتكون خط أساس يتم على أساسه إدارة المناطق البحرية بشكل مستدام.كما توصلوا إلى اكتشاف المداخن الحرارية النشطة التي تعود الى آلاف السنين، والتي تشكل هياكل ميكروبية ضخمة شمال ضفاف فرسان، بما يؤكد وجود حياة بحرية فريدة هناك.
أسماك الطبقة العميقة
وأكد الباحثون أن أسماك القرش تصل إلى أعماق أكبر في المياه الدافئة للبحر الأحمر بدرجة حرارة دنيا تبلغ 21 درجة مئوية، وهو أعمق من أي مكان آخر، كما رصدت الاكتشافات أن البحر الأحمر يحتضن مجتمعاً نشطاً من أسماك الطبقة العميقة ذات الكثافة المذهلة والقدرة العالية على تحمل ظروف الأوكسجين المنخفض جداً.ومن النتائج الملفتة في رحلة العقد: اكتشاف أن حيتان "البرايد" تتكاثر في البحر الأحمر، حيث تم رصدها مع صغارها بعد أن كان الاعتقاد أنها كائنات عابرة.
ولاحظ الباحثون سلوكًا فريدًا للدلافين حيث تلجأ مع صغارها للثقوب الزرقاء للاحتماء من هجمات الأسماك والحيتان المفترسة.
وفي ظاهرة فريدة على مستوى العالم تم اكتشاف أن الحيوانات البحرية في قاع البحر الأحمر تفترس أسماك الطبقة العميقة أثناء هجرتها، وهو الأمر الذي لم يتم رصده في أي مكان بالعالم.
كما قام الباحثون بربط تسلسل الحمض النووي مع تقييمات أعمار رواسب قاع البحر الأحمر، لإعادة بناء تغيرات التنوع البيولوجي للأنواع منذ 1800 عام حتى اليوم، مما يوفر تقييماً فريداً للتغيرات على مر الزمن.
الموارد الوراثية للبحر الأحمر
إلى جانب ذلك فقد تبين للباحثين أن في البحر الأحمر أكبر مجموعة على الإطلاق من قشور الأرض، مما يوفر معلومات حول العمليات البركانية التي تشكل البحر وتدعم تنوعه البيولوجي.ورصدت الرحلة أقوى الكائنات المرجانية العميقة على الإطلاق، والذي يتواجد تحت عمق يزيد عن 1000م، مع قدرة فريدة للبقاء لفترات طويلة بلا أكسجين وعند درجات حرارة تصل إلى 33 درجة مئوية.
وكان من نتائج الرحلة أن وضع الباحثون أول كتالوج لجينات الكائنات الدقيقة في البحر الأحمر، ما يوفر معلومات دقيقة عن الموارد الوراثية للبحر الأحمر كإرث وطني، مع تطبيقات صناعية محتملة في الصناعة الدوائية، والأغذية، والطاقة، والتجميل.
بالإضافة إلى ذلك تم اكتشاف إضاءات كربونية في أعماق البحر الأحمر، وبعد تحليلها باستخدام الحمض النووي، تبين وجود ثلاثة أنواع من البكتيريا الميكروبية في تركيبتها.
دعم القيادة لاستكشاف البحر الأحمر
وجاءت رحلة البحر الأحمر الاستكشافية التي أطلقها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية بدعم من القيادة الرشيدة لعمل أول استكشاف شامل لمناطق لم يسبق دراستها في البحر الأحمر بدءاً من منطقة عفيفي جنوب البحر الأحمر حتى خليج العقبة شمالاً، وذلك امتدادًا للجهود الوطنية في حماية البيئة وتعزيز استدامتها وإثراء التنوع الأحيائي فيها وفق رؤية المملكة 2030، ومبادرة السعودية الخضراء.وضم الفريق البحثي 126 باحثاً من 18 جنسية بأحدث التقنيات وأفضل الخبرات، بالتعاون مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية وعدد من الجهات الوطنية ذات العلاقة لإنجاز مهمته الكبيرة التي استغرقت مدتها 19 أسبوعاً.وقد حرص الفريق البحثي خلال الرحلة على إنتاج مواد وثائقية وإعلامية عن المناطق المدروسة، بهدف تقديم تصور واضح عن بيئات البحر الأحمر وما يزخر به نظامه البيئي من ثراء أحيائي بديع.