- للابتلاء أسباب منها ما يأتي من عند أنفسنا ونحن لا نشعر به، ومن أسبابه كذلك كثرة الذنوب أو ظلم الناس وأكل حقوقهم، وعقوق الوالدين، والشماتة، وغيرها من المسببات المتعددة.
- كما يأتي الابتلاء على شكل نعمة! فقد قال الله -سبحانه وتعالى-: «وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»، وأما عن حكمة الابتلاء فكثيرة، منها: مغفرة الخطايا وغسل الذنوب، ورفع الدرجات في الآخرة، وتعجيل العقوبة في الدنيا، والامتحان وتعلم الصبر، فقد جاء عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس -رضي الله عنهما-: «ألا أريك امرأةً من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إني أُصرع وإنِّي أتكشَّف، فادعُ الله لي، قال: إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة، وإن شئتِ دعوتُ الله تعالى أن يُعافيَك. قالت: أصبر، فقالت: إني أتكشَّف، فادعُ الله ألا أتكشف، فدعا لها».
- ما أريد أن أركز عليه بعد هذه المقدمة، هو ما يقوم به البعض من الشماتة أو التنمر على المبتلى والمصاب خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يُصدر من بعض الأشخاص بأسماء مستعارة، فهل يظنون أن الله -سبحانه وتعالى- لا يعلم من هم؟! أضف إلى ذلك أن التساهل والتسرع في التعليقات، ورمي الكلام جُزافا في تلكم المواقع قبل التثبت جريا خلف «الترند»، لن يرفع من شأنك، ولن يزيد من قدرك، بل على العكس! هو سفه وطيش ونقص، والواجب المنطقي عقلا ودينا أن يحفظ الإنسان لسانه عن تتبع عورات الناس أو زلاتهم أو مصائبهم، فليس ذلك من الشيم ولا المروءة، والأصل: إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، ونُقل عن ابن القيم أنه قال: «من ضحك من الناس ضُحك منه، ومن عير أخاه بعمل ابْتُلِي».
- ولعلنا لا ننسى ملاحظة هامة جدا، وهو أن ما يقع علينا نحن البشر من ابتلاء «ونراه شراً محضاً» قد يشاء الله -سبحانه وتعالى- أن يكون فيه خيرا كثيرا، والدليل على ذلك قوله سبحانه وتعالى: «وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ» وأيضا قوله سبحانه وتعالى: «فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا»، وللتذكير، فأننا نعرف الأشياء بأضدادها، فالخير نعرفه حين يقع الشر، والعافية نُثمنها بعد المرض، والفرج يصبح لذة وسلاما بعد الضيق والابتلاء، ويكفي المُبتلى شرفاً وفخراً وطمأنينةً قوله -عليه الصلاة والسلام-: «يُبتلَى الرَّجلُ على حسْبِ دِينِه، فإن كان دِينُه صُلبًا اشتدَّ بلاؤُه، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ابتلاه اللهُ على حسْبِ دِينِه».
- خلاصة القول، ما منا إلا ومُبتلى علم ذلك أو جهله؟!
@abdullaghannam