- وإذا قلنا إن صحيفة نيويورك تايمز التي حافظت على زيادة مداخيلها ومشتركيها في العام 2023 تستحق مقالاً منفصلاً لمناقشة أدائها، فإن التجربة الاسترالية في سن تشريعات حكومية إعلامية لاصلاح الخلل الذي ألحقتها منصات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث بسوق المؤسسات الإعلامية.
- بعدما أقرت «وزارة الخزانة» في العام 2021 مبادرة «ميثاق الأخبار» أو «الميثاق التفاوضي لأخبار مؤسسات الإعلام» «News media bargaining code»، الرامي إلى حماية الصحافة وحفظ حقوق الملكية الفكرية للمؤسسات الصحافية في المحتوى الإخباري الذي يُتَداول مجانًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى محركات البحث، فضلًا عن حمايتها من آثار احتكار سوق الإعلانات الرقمية بوساطة شركات التقنية الأميركية، تظهر الأرقام اليوم أن حجم مداخيل المؤسسات الصحفية من «ميثاق الأخبار» بلغ 600 مليون دولار (2.2 مليار ريال سعودي) في ثلاث سنوات وهي مدة بين معظم المؤسسات المحلية في وبين شركة قوقل وشركة ميتا Meta المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وواتس اب وثريدز.
- ولأن العقد أشرف على نهايته، يبدو أن غرف الأخبارالأسترالية تخشى مواجهة فجوة في المداخيل بعشرات الملايين من الدولارت سنويًا في ميزانياتها التشغيلية، في حال قررت قوقل وMeta الخروج عن صفقة «ميثاق الأخبار»، وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، رفض مالك فيسبوكوإنستغرام وواتساب محاولات متكررة من الناشرين لمناقشة صفقات جديدة، فيما يبدو أنه استراتيجية متعمدة للتأخيرومعرفة ما إذا كانت الحكومة الاسترالية ستتدخل، لكن مسؤولة في وزارة الخزانة التي التي تتبعه لها جهات التشلايع الإعلامي، قالت نهاية العام الماضي بحسب وسائل إعلام استرالية بأنها ستجري تحسينات على الميثاق مشيراً إلى أن الحكومية لاتزال ملتزمة بالمحافظة على الإعلام المحلي.
- قرابة 3 أشهر تفصلنا عن معرفة مصير تجربة «ميثاق الأخبار»، وأيما كانت النتيجة، فإن التجربة الاسترالية يشار لها اليوم بالبنان في كل أنحاء العالم، إذ قدمت وصفة سحرية لوزارات الإعلام لأداء أهم أدوارها وهو صناعة بيئة تنظيمية تزدهر فيها وسائل الإعلام المحلية، وخير دليل محاكاتها بواسطة عدة دول مثل كندا لإصلاح الخلل الذي تعانيهصناعة الإعلام اليوم، وتأثرت به في الدرجة الأولى مؤسسات الصحافة المحلية.
- قناعتي أن الإعلام والصحافة صناعة، وأي صناعة لا يمكن أن تزدهر إذا كان السوق يعاني خللاً تنظيمياُ وجودياً، وعليه فإن أول خطوة لاصلاحه هي مسؤولية الجهات التشريعية الحكومية، من وزارات الإعلام أو ما يعادلها.
@woahmed1