ذكر ابن حمدون في التذكرة الحمدونية « جاء رجل إلى عالم يستفتيه فقال: أفطرت يوماً من شهر رمضان سهوًا، فما عليَّ؟ قال: تصوم يومًا مكانه، قال: فصمت يومًا مكانه، وأتيت أهلي وقد عملوا حيسًا، فسبقتني يدي إليه فأكلت منه، قال: تقضي يومًا آخر، قال: لقد قضيت يومًا مكانه، وأتيت أهلي وقد عملوا هريسة، فسبقتني يدي إليها فأكلت منها، فما ترى؟ قال: أرى ألا تصوم إلا ويدك مغلولة إلى عنقك»
يتميز الناجحون عن غيرهم بقدرتهم على ضبط أنفسهم والتحكم بها، بينما الفاشل يضيع الفرص بقاعدة «لا أستطيع أن أجبر نفسي»، وبالتالي يتبع نفسه هواها، ويبحث عما يظنه إسعاداً له، حتى ولو كان فيه دماره، وتشتيت أهدافه الكبرى.
رمضان فرصة للبدء في المشروع الكبير: السيطرة على النفس وتوجيهها في الاتجاه الصحيح، فرمضان مدرسة تُفتح كل عام لنتعلم، ونعيد ترتيب أولوياتنا، فقد كتب الله الصيام «لعلكم تتقون» والتقوى هي طريق السعادة والفلاح، ويجب أن نستفيد من كل لحظة في هذا الشهر الفضيل خصوصاً أن كل ما حولك، ومن حولك، يدعمك في تحقيق مشروعك!
يستطيع المتأخر في بعض المجالات أن يتقدم، ويستطيع الذي يعاني من بعض الأمور أن يتخلّص، الأهم أن نحفظ هذا الشهر الفضيل ونعطيه ميزته التي تميز بها، ولا نجعله كأي شهر آخر، أو نحوله إلى موسم للبحث عن الملذات، نغضب فيه ونخاصم من أجل لقمة، ونضيع ليله ونهاره بالسهر، والالتصاق بالجوالات، ومن ثمّ النوم في غير وقت النوم.
وكما قال الإمام ابن المبارك:
ومن البلاء وللبلاء علامة
ألا يُرى لك عن هواك نزوع
العبد عبد النفس في شهواتها
والحر يشبع تارة ويجوع
المميزون يتحكمون بأنفسهم، حتى ولو سلكوا طرقاً صعبة، ومن يتهيب صعود الجبال يعيش أبد الدهر بين الحُفر، ولذلك يعيشون في سعادة التميز، والتي لا يعرف طعمها إلا الناجحون.
رمضان انطلاقة المتميزين.
@shlash2020