ومن هذا المنبر الذي تناولته أقلام كثيرة وجف منها الحبر، طالعتنا احصائيات مخيفة لنسب الطلاق في آخر سنتين وبدراستها، وتحليلها وجدنا ظواهر سيكولوجية ومتغيرات وأعراض حديثة خلال العقد الماضي، أفرزت مجموعة من الأعراض لكلا الزوجين، وكان ملخصها أولا وأخيرا ثقافة الزواج مسبقاً والمسؤوليات المترتبة على هذا الطريق وما قبل الزواج "وكانت التوصية بقوة حضور ندوات ومحاضرات عن الزواج والتزاماته لكل الطرفين في عدة محاور إجتماعية ومالية والتزام كل طرف بواجبات أسرية وقياس الرضى بالتطابق أو شبه تمازج بين الطرفين لعقد زواجي شرعي لاحقا.
- تأثير الضغوط المالية أحد أكبر الأسباب في نهاية كارثية للزيجات وفي فترة قصيرة، خاصة بعد إتساع حجم العائلة بإضافة أطفال مما أوسع حجم المسؤولية على الأزواج، وصاغت كثير من الكتب والندوات المتلفزة موخراً، "برامج الأسرة في المحطة السعودية"، نقاشاً ثرياً من اخصائيين واخصائيات في مسائل عدة، منها راتب المرأة العاملة وحدود مشاركتها فعلياً وما نسبته ؟ وأي مخرجات للصرف والانفاق والإفصاح عن المدخول الشخصي، وبناءً على تلك التوصيات بأن "تلتزم المرأة العاملة بالمشاركة في بناء الأسرة بحدود المعقول من رفد التعليم للابناء لتميز مستقبلي، وأيضاً تتكفل بمناسباتها الشخصية لخروجها إلي ميادين العمل، فهذه المشاركة يجب ألا تكون مطلقةً وبلا حدود ويجب تحديد أُطرها وكمها بالتراضي والقناعة.
- ليس في كل واجبات المسؤولية الأسرية وكل مناسبة يمكن إقحام الزوجة وفرض الأمور بمشاركة مالية في كل حين، فبمجرد حصول هذا الأمر يتغير وزن وإتجاه الميزان وكفته باتجاه تخلي مسؤولية الأزواج من واجبات فرضتها الشريعة الإسلامية والعرف والقانون "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا"، ولا شك بأن هناك مسؤوليات جمة من أقساط للتعليم، وعلاج، وسفر وترفيه، مشاركات اجتماعية ومدرسية ووسائل تعليم، ورياضات بدنية ومواصلات، كلها تُثقل كاهل الأسر وخاصة مع إرتفاع تكاليف ومتطلبات الحياة، فالأسر التي تستطيع تحمل طفل أو طفلين أقل حاجة مالية لنهج ومسار الحياة من اخرى لديها اطفال يتجاوز هذا العدد، فكلما زاد عدد أفراد الأسرة إزدادت رقعة ومساحة الإحتياج، وهنا ستكون المشاركة لربما تكون أكبر وأعظم ولكن يجب ألا تتجاوز حدود 40 ٪ من راتب المرأة وبتقديم الشكر والامتنان كمشارك، وهنا يأتي دور التخطيط المالي وأولويات النفقات وتقديم أو تأجيل أو إلغاء بعض الاحتياجات لكونها غير اساسية.
- الحوار الراقي والناضج والشفافية عناصر مهمة لبلوغ الأهداف واستمرار والاستقرار الأسري والعاطفي، ولم يكن للمرأة أي دور مماثل في الماضي، قبل خروجها لميادين العمل، بل كان الزوج قائماً بجميع الاحتياجات المالية والأسرية ولم يكن للمرأة دور سوى إدارة شؤون المنزل وما يترتب عليه ذلك الدور، ورضاً بما قسم المولى، وقد انتهت هذه الحقبة من الزمن وتطورت بما يلزم تطوير آليات المشاركة لبقاء الأسرة متماسكة، والتركيز على مخرجات البناء والتعليم لبراعم المستقبل متحصنين بالمعرفة والثقافة والمشاركة منذ الصغر، إنها مسيرة طويلة تحتاج لترسيخ واقتناع ذاتي بالمسؤولية ورسوخ قاعدة المعايشة والتكامل والتفاضل بالقيم والاخلاق وحقوق كل طرف بما كفلته الشرعية السمحاء والقوانين الذاتية والحقوق المدنية الصادرة موخراً لحقوق المرأة، فلا تنمر أو أذى، أو تطاول لفظي أو ما يتعداه إلى مراحل متقدمة تنعكس سلبياتها على نفسيات الأطفال من اكتئاب وقلق واللجوء الي علاجات نفسية، وكان من الأجدى تسخير هذه العضلات بالتربية المتوازنة دينياً وسلوكيا وبدنيا.
- إن تكريس المسار الواحد، والتجديف في سكون وتحفيز النفس على السمو والاقتداء بسنن الأنبياء من تعامل أسري هي من أصول ووصايا الدين، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله"