والإطلاقات التي نتحدث عنها هي خطة طموحة هدفها إكثار الكائنات المعرضة لخطر الانقراض لاجل زيادة اعدادها بشكل علمي مدروس ومناسب لطبيعة المملكة. ولإنجاح عملية الإكثار عمل المركز على توفير بيئة مثالية لتلك الكائنات الفطرية في محميات طبيعية وصل عددها إلى 10 محميات، يضاف لها المحميات الملكية والمتنزهات الوطنية، إضافة لمراكز أبحاث ثلاثة ومركز للإيواء يقوم عليها نخبة من الخبراء المتخصصين في علم التوازن البيئي. ووجود هؤلاء ساعد على إيجاد واقع بيئي مكن من استيعاب عمليات الإطلاق للكائنات الفطرية بشكل متصاعد.
ومنذ بداية عهد الإطلاقات تم اطلاق أكثر من 7 الاف منالكائنات الفطرية حتى يومنا هذا، والعدد مرشح للزيادة في قادم الأيام، حيث لا تزال عملية الإطلاقات مستمرة. ولعلنا نعرج هنا على كيفية عمل المركز في رسم خارطة طريق إطلاقاته للكائنات الفطرية. تبدأ العملية من خلال جلب تلك الكائنات من أحد مراكز الإكثار، أو من خلال وحدات الايواء التابعة للمركز بعد إعادة تأهيلها لتكون مهيئة لعملية الإطلاق. تلك العملية التي تتضمن دراسة ملائمة النطاق الجغرافي والتاريخي للكائن المراد إطلاقه ليمكنه من التكيف والحياة بشكل طبيعي كموئل مناسب له. كما يعمد المركز لتركيب أجهزة تعقب فضائية لكل كائن يتم إطلاقه، وتوفر تلك الأجهزة إمكانية رصد الولادات والسلوك في البرية، كما تحظى أيضا بإشراف الباحثين الميدانيين ومتابعة مستمرة من الجوالين في المناطق المحمية.
ومن المهم معرفة ان موسم الإطلاق يبدأ من شهر نوفمبر من كل عام وينتهي في شهر مارس، حسب ملائمة الأجواء لعمليات الإطلاق وضمان نجاحها وتحقيق الغاية منها. ولا تقتصر عمليات الإطلاق على المحميات التابعة للمركز بل تشمل حتى المحميات الملكية، كما تتضمن المنتزهات الوطنية، وتلك المحميات التابعة للشركاء مثل (نيوم، العلا، أرامكو وغيرها) وهو ما يفسر حجم العمل الكبير الذي يشرف عليه المركز.
وهناك قائمين في برامج الاكثار التي يجريها المركز، الأولى تتعلق ببرامج الاكثار القائمة وتشمل كائنات مثل المها العربي، الوعل الجبلي، والحبارى وغيرها، والثانية تختص ببرامج الإكثار المستهدفة لكائنات مثل الفهد الصياد، الوشق، والقط البري والرملي ويتم العمل عليها بالتزامن وفق ضوابط علمية لضمان نجاحها بالشكل الأمثل.
هذه البرامج النوعية والتي تعد منجزاً وطنيا لبلادنا تتطلب المزيد من الاهتمام الإعلامي الذي ينقل مضامينها الاخلاقية والوجودية والحضارية لأكبر شريحة مجتمعية ممكنة، وايضا للعالم الخارجي الذي يسعده رؤية نجاح الحكومات والشعوب في الحفاظ على الحياة الفطرية. وايضا لأن الإطلاقات تساهم في زيادة الوعي البيئي مما يؤثر إيجابًا على نجاح البرنامج.. كتوجه محمود يستحق الكثير من العناية، والوقت سيكون ـ بحول الله ـ كفيلاً لنا برؤية المزيد من النجاحات في منظومة الحياة الفطرية.