وما نعيشه الآن، ما هو إلا نتائج تلك المراحل والخطوات القيادية للنهوض بالفرد والمجتمع والوطن، ولكن يبقى بعض الأفراد في كثير من المجتمعات المتحضرة بين التقبل والمقاومة وذلك على حسب درجة الوعي، نعم، إنه الوعي الفكري الذي ساعد على تطور الأفراد وحوّل الجماعات إلى مجتمعات منتجة ونافعة بأفرادها ولأوطانها. الفكر القيادي والذي ينهض بالمجتمعات لتكون قيادية، يركز- أولاً- على تذكير الفرد بهويته وترسيخ المفاهيم الإنسانية الصحيحة المتعلقة بثقافته وتاريخه. ثانيا، مواكبة متطلبات الأجيال والقدرة على تحقيق التوازن بين أوجه الشبه والاختلاف فيما بينها وتطوير الإيجابيات وتحسين السلبيات منها.
ثالثاً، الشفافية والمصداقية في عرض تاريخ ثقافة المجتمعات والتركيز على الأصالة التي تعتبر أصل كل حداثة يطمح لها كل قائد يسعى للارتقاء بمجتمعه ووطنه. رابعاً، تقدير وتقديم المعرفة كمادة علمية إثرائية والاهتمام بالأفراد وثقافتهم المختلفة في المجتمع الواحد وذلك عن طريق دمج التنوع الثقافي في التعليم والترفيه وغيرها من المجالات التوعوية المختلفة.
خامساً، الاطلاع على الثقافات الأخرى وإتاحة المجال لها للتعريف عن هويتها والاستفادة من إيجابياتها لإثراء المعرفة التي تنمي جوانب الإدراك والوعي الفكري لدى الأفراد في المجتمعات المختلفة، علماً بأن هذه النقطة تعتبر أساسية للتعبير عن الوجود المتفاوت في الأعراق والشعوب بين البشر ولتأكيد ضرورة التنوع وقبوله وذلك لاحترامه دون التعرض له بالنقد الجارح في حال الخلاف معه أو الانتقاص منه.
النقاط المذكورة أعلاه وغيرها من الأمور التي تُبين حقيقة الفكر القيادي القادر على الازدهار والنمو من خلال إبراز ثقافات مجتمعه، وكذلك، ضرورة قبول الثقافات المختلفة وتعزيز المفاهيم الصحيحة والتي تدعو إلى السِلم والتسامح، ما هي إلا ملامح للفكر القيادي السليم الذي يحمل في طياته رسالة عالمية تدعو إلى التعارف، والذي بدوره يقود الفرد إلى المعرفة.
وأخيراً، فإن خلافة الأرض تحتاج إلى معرفة والتي بدورها تؤدي إلى التعارف لينطلق من خلالها التواصل والاتصال بأنواعه بين شعوب الأرض وثقافاتهم المختلفة لتبادل المنافع والعلوم للنهوض بالوعي الفكري للأفراد من خلال تقدير وجود الثقافات المختلفة واحترامها.
@FofKEDL