وعلى الرغم ممّا ذكر آنفاً من محاسن وفوائد تلك التطبيقات والبرامج ووسائل التواصل الاجتماعيّ، إلّا أنّ لها - وللأسف الشديد - جانباً مظلماً، أو وجهاً قبيحاً - إن صحّ التعبير- يكمن فيما تحمل في طيّاتها من مساوئ وأضرار، وما تنفثه من سموم في أجساد المجتمعات والأسر سيّما المحافظة منها، وبالتالي وجب لزاماً على الجميع التعامل معها بتوازن ووعي بالغين، وتوخّي أشدّ الحذر أثناء استخدام تلك البرامج والتطبيقات، وأخصّ بالذكر فلذات أكبادنا من الجنسين سيّما من لم يبلغ الحلم منهم، فهم أكثر عرضة إلى التأثر بمحتواها من غيرهم.
إنّها تعدّ أحد أهمّ مسبّبات فساد الأخلاق، وانحراف العقيدة، واعتناق الأفكار الضالّة، حينما لا يكون التعامل معها بحذر شديد، كما أنّها تصبح معول هدم للصحّة الجسديّة والنفسيّة، إذ تورث -عند الإدمان عليها-أمراض المخّ والأعصاب والدماغ، فهي جالبة لتشتّت الذهن وقلّة التركيز وتؤثّر بشكل مباشر على ضعف البصر، وهزال الجسم، كما أنّ بعض الألعاب الإلكترونيّة قد تودي بصاحبها إلى الانتحار -لا قدّر الله -.
ومن وجهة نظري فالحلّ لمثل هذه المعضلة يقع على عاتق أكثر من جهة ، ويأتي في المقام الأوّل: دور الأسرة، فالوالدان هما حجر الزاوية، وعليهما يقوم عماد التنشئة الصالحة، وغرس القيم لدى الأولاد، وفي مقدّمتها: مراقبة الله، والحثّ على الفضيلة، والتحذير من الرذيلة، كما أنّ بإمكانهم العمل بالأسباب المادّيّة، وذلك بتنصيب برامج حجب لكلّ محتوى إلكترونيّ مخلّ، أو غير مناسب بأيّ حال من الأحوال، كما ينبغي ألّا يترك للولد الحبل على الغارب في التعاطي مع الجهاز، وألّا تتخلّى الأمّ أو ينشغل الأب عن مسؤوليّته تجاه أبنائه، فيصبحون في حكم الأيتام.
وتأتي في المرتبة الثانية: المدرسة والمسجد ليكملا دور الأسرة ويعزّزانه، فالمدرسة لها دور كبير يجب أن تقوم به سيّما إدارتها ومرشدها الطلابيّ، كما أنّ دور المسجد المتمثّل في إمامه لا يقلّ أهمّيّة عن دور القائمين على التوجيه والإرشاد في المدرسة، ولا ننسى أنّ وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة والمقروءة مناط بها مسؤوليّة عظمى، فهي أحد الحصون المنيعة لدرء الضرر والمفسدة عن جيل المستقبل، ونواة الغد بما يبثّ عبر وسائلها المتنوّعة من برامج وندوات ولقاءات توعويّة وتثقيفيّة هادفة، تحذّر أبناء المجتمع من الانزلاق في متاهات البرامج الإلكترونيّة، وتطبيقاتها الحديثة، وتوجّههم وترشدهم إلى السبل المثلى في التعاطي معها.
حفظَ اللهُ الوطنَ وأبناءِه وبناتِه من كلّ شر، فهم ذُخرُه وحُماته، وهم عماد الأمّة وحِصنُها الحصين.
[email protected]