قد بدأ الكثير يستغنون عن التواصل المباشر، ويتحولون للتواصل الافتراضي لسهولته، ولرفع الحرج عنهم، وهو الذي جعل العالم يبدو وكأنه قرية صغيرة، نستطيع من خلاله معرفة الأخبار وإرسال الرسائل التي تغنينا عن اللقاءات المباشرة، رغم أهميتها في خلق حياة متكاملة بين الناس، لكن للأسف فقد ترك هذا التحول أثرا على جميع أنواع العلاقات الاجتماعية، رغم أن التواصل والتفاعل المباشر لا يزال ضروريا ومهما في بناء حياة متكاملة، فهو يسمح لنا بتبادل التجارب والمشاعر وبناء الثقة، ويسهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية وتعميقها.
من الآثار السلبية لهذا التحول تفتيت العلاقات بين الجيران خاصة في المدن المكتظة بالسكان والتي أصبحت علاقاتهم هامشية، حيث يزداد تحدي إقامة علاقات وثيقة مع الجيران في هذه المدن نظرا لطبيعة الحياة المزدحمة، وساعات العمل الطويلة التي تقلل من التواصل والتفاعل بين الأهل والجيران، حيث يكون لدى الأشخاص وقت محدود للتواصل والتفاعل المباشر مع الآخرين، مما دفع بعض الناشطين من الجيران خاصة في المجمعات السكنية إلى إنشاء قروبات واتساب يجتمع فيها الجيران ويديرون من خلالها شؤونهم، ومن خلال التفاعل في هذه القروبات يظنون أنهم يعرفون بعضهم البعض عز المعرفة، بينما لو تواجهوا عند مدخل المجمع السكني أو في مسجد قريب لهم لم يعرفوا بعضهم البعض.
في مواسم الفرح مثل عيد الفطر المبارك، يحن الكثير من سكان هذه المجمعات السكنية للمناظر الجميلة التي تحدث بين الجيران في المدن الأقل ازدحاما، فصحون داخلة وأخرى خارجة، تعزز من التواصل بين الجيران، وتزيد من التواصل الاجتماعي بينهم، والجبيل الصناعية رغم أنها مدينة صناعية يغلب عليها العمل، إلا أن للحياة فيها رونقا خاصا، حيث يتجمع الناس من مختلف مناطق المملكة ويتجاورون في مساكن قدمتها لهم جهات أعمالهم، وهو أمر ممتع للغاية إذا وفقك الله بجيران طيبين مثل جيراني، مجتمعين على الخير دائما، نتفقد بعضنا البعض، وإن طالت مدة اجتماع الرجال، فإن اجتماع النساء لا يطول .
وصحيح أن وسائل التواصل الاجتماعي قد غيرت طريقة التواصل بين الناس وأثرت على العلاقات الاجتماعية لكن الحياة الصحيحة تتطلب المزيد من الجهد الحقيقي للتفاعل الإيجابي بين الأهل والجيران، وبناء علاقات وثيقة ومستدامة تعزز من الترابط الأسري، وتعزز الشعور بالأمان النفسي والاجتماعي وهو ما نحتاجه جميعا في هذا الزمان.
@dhfeeri