ولأول مرة في التاريخ يجري توقيت هجوم عسكري وإبلاغ نصف الكرة الأرضية بموعد انطلاق الصواريخ والمسيرات واحداثياتها والمواقع التي تستهدفها، ويشارك البلد المستهدف في تحديد المواقع التي يسمح بقصفها. وأعلنت خطوط ألمانية توقف رحلاتها إلى إيران قبل يومين من الموعد المرتب، وأغلقت الأردن والعراق الأجواء قبيل الموعد، وحلقت الطائرات الإسرائيلية والبريطانية والأمريكية قبيل الموعد، لصد المسيرات والصواريخ الإيرانية التي بلغ عددها أكثر من 330 مسيرة وصاروخ، أسقطت معظمها خارج أجواء فلسطين المحتلة.
وانتهت المسرحية على الهواء مباشرة. ومثل كل المسرحيات، صفق الولائيون وتغنوا ببطولاتها، وضحكت جماهير أخرى من أفخر المسرحيات الكوميدية، فالغاية لم تكن حرباً، بل عرض إعلامي يفرح الولائيين ويخدرهم ولا يضر إسرائيل.
والغريب أن هذه المسرحيات لا تجري إلا بين إيران وإسرائيل، وبين إيران والولايات المتحدة الأمريكية. لأن الأطراف الثلاثة تتخادم وتنسق وترتب المسرحيات. وكانت مثل هذه الترتيبات تجري سراً، إلى أن فضحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قال بعد اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليمان بطائرة أمريكية، يوم 3 يناير 2020، «اتصل بنا الإيرانيون وقالوا أنهم، لحفظ ماء الوجه، سوف يقصفون قاعدة أمريكية بـ18 صاروخاً، ولن يصيبوا القاعدة»، ولن يحدث أي خط لأن هذه الصواريخ دقيقة التصويب. فوافق ترامب، وقال إنه الوحيد الذي كان مطمئناً لأنه يعلم الترتيبات. وفعلا قصف الإيرانيون أسوار قاعدة عين الأسد يوم 8 ينار. ولم يصب أي أمريكي.
واللافت أن إيران شددت على أن «مسرحية العيد»، ثأراً لقصف القنصلية الإيرانية وليس له علاقة بغزة ولا بحماس ولا بفلسطين.
وأيضاً من فصول المسرحية أن الرئيس بايدن اتصل برئيس وزراء إسرائيل يطلب ضبط النفس، فلم تحدث أي اضرار تستوجب الرد. والنتيجة العملية الوحيدة للمسرحية هي تعزيز إسرائيل ونتنياهو لدى الغرب وإعطاء إسرائيل المزيد من الذرائع للاستمرار بقصف غزة والإمعان بإيذاء الفلسطينيين.
*وتر
أن تكون مصائر الناس ملهاة
والحروب مسرحيات تسلية،
ودماء الأبرياء سبيلاً للعابرين
يباع الإنسان المكرم في المزادات
@malanzi3