- مهاراتهم عبر التاريخ جعلت لوجوده ميزة حياة استثنائية، بجانب ميزة تكوينه الجيولوجي، والجغرافي، وغطاؤه النباتي، وحياته الفطرية، وتاريخه البشري. يتفرد موقعه بمناخين مختلفين. مناخ تهامة في قاعدته ومناخ جبال الحجاز والسراة في أعلاه. مناخ لا شبيه له.
- جزء من جبل شدا أصبح أصغر محمية في بلدنا -حفظها الله-، الوحيدة في منطقة الباحة، تأسست عام 2001، هدفها حماية الغطاء النباتي، مثل شجر العرعر، والزيتون البري، وأيضا حماية الحيوانات، ومنها النمر العربي، والضبع المخطط، والذئب العربي، والثعالب والوشق.
- مع هذه التوليفة البيئية تساءلت عن مصير جبل شدا «البيت الكبير» بأهله عبر التاريخ؟ الجبل مسكن بكل مكوناته، لماذا تجزئته ليحظى جزء بالاهتمام والحماية وترك الأجزاء الخرى تواجه مصيرها المحتوم؟
- الإنسان هو صاحب البيت، الأهم في أي إجراء، بعدها تتوزع الحماية والاهتمام على بقية المكونات الأخرى، أن نهتم بالغطاء النباتي وحيوانات الجبل البرية، ونترك بقية الأشياء دون حماية، فهذا يعني القضاء على مقومات الحياة في هذا البيت، بدلا من المحافظة على سلسلة متطلبات استدامة حياته.
- نحمي النمر العربي ونترك بيته يتهدم، هل هذه حماية؟ نحمي الغطاء النباتي ونترك بيئته تتهدم، هل هذه حماية؟ نسأل: من حافظ على جبل شدا عبر الزمن، وحتى تاريخ تأسيس المحمية؟ من كان يحمي، ويرعى، ويحافظ، ويستثمر، ويغرس، ويحصد، ويضع القوانين، ويشرع؟ إنهم أهل الجبل، عبر تاريخهم رسموا هياكل بقاء حياة الجبل بكل ما يحوي، هكذا حتى مرحلة مغادرتهم بحثا عن حياة أسهل وأفضل منذ عام 1975، مرحلة الطفرة الأولى المباركة.
- حياة الإنسان في جبل شدا عبارة عن سلسلة من التحديات، أجبرته على ترك بيته «جبل شدا»، والنزوح الى مدن سهول تهامة «المخواة وقلوة»، لمواكبة التطور والحياة الكريمة، ظل جبلهم بجانبهم يزورونه للمواساة واجترار ماضي تاريخه، عذاب تجرعه أهله دون علم أحد. هكذا أصبح البيت مهجورا، وجاءت الحياة الفطرية مشكورة بعد هجره بأكثر من عقدين لتختار محاور حمايتها وتترك بقية سلسة المحاور الأخرى دون حماية.
- إن خسارة سلسلة هياكل وأنظمة الوجود البشري في جبل شدا تعني خسارة الغطاء النباتي، وخسارة الحياة الفطرية في الجبل. غادر أهل جبل شدا، فتهدمت كل مقومات حياة حافظت على وهج مكونات الجبل عبر التاريخ، جبل شدا دون أهله لن يستقيم حاله.
- عودة هياكل وأنظمة الوجود البشري في جبل شدا أمرا ضروريا، لتلافي كارثة تصحره، وموت غطاءه النباتي وحيواناته المشمولة بالحماية، تسهيل إعادة توطين الإنسان الشدوي في بيته خطوة أولى نحو تحقيق نجاح حمايته وهي الأولى والأهم.
- تشخيص المشاكل وتحديد الاحتياجات التي أجبرت أهل جبل شدا على مغادرته خطوة أولى، ثم العمل على توفير - وبكرم - ما يضمن رجوعهم، وتسهيل حياتهم وتمكينهم وفق حسابات حضارية تنقذه من بطش التصحر، ويستمر الحديث.
@DrAlghamdiMH