أيضاً يجب ألا نتساهل في أخذ النصيحة من كل أحد، اليوم تدمرت بعض البيوت بسبب استشارة الجهلة والجاهلات، وقد يكونون قريبين مع شديد الأسف، ولكنهم يملكون الجرأة التي تجعلهم يعطون الرأي والمشورة مع أنهم لا يملكون مقوماتها، والأسوأ حالاً من يأخذ توجيهاته، ويرسم خارطة حياته، من خلال ما يقرأ ويشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي.
ذكرني أهمية وجود المتعلمين في حياتنا، قصة قرأتها في سيرة الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، وأكرمنا الله بجواره، عندما نزل عليه الوحي وجاء إلى أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها يرجف فؤاده، وهو يقول: زملوني! زملوني!، فقالت له خديجة مقولتها العظيمة: كلا، والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق.
بعد أن هدأ روع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انطلقت به خديجة إلى إنسان متعلم ولم تهتم بالجهلة، بل أتت به إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، ابن عم خديجة، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخاً قد عمي.
فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك.
فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله ﷺ خبر ما رأى.
فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزله الله على موسى، يا ليتني فيها جذعاً - أي قوياً جلداً - ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك.
فقال رسول الله ﷺ: أو مخرجي هم؟
قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم يلبث ورقة إلا فترة وتوفي.
لقد فهم ورقة المتعلم الواقع، واستشرف المستقبل من خلال ما علمه، ولذلك تعلم وقرّب المتعلمين وأبعد عن مسارك كل جاهلة وجاهل.
@shlash2020