الحياة مكابدة ومثابرة من الحياة إلى الممات، ولكن كلن بحسبه، فمن ذلك، المكابدة في الرزق، فالفقير يكابد للحصول على لقمة العيش، التي قد تتوفر له يوما وقد تغيب عنه أيام، والغني يكابد لتنمية ماله، فيؤرقه نقصانه، ويتعب في تنميته، ومن ليس له ولد يكابد للحصول عليه، والطالب في دراسته، والموظف في وظيفته، والوالدين في تربية أبنائهم، ولا يسلم من ذلك أحد.
وقد تكون المكابدة، في تربية النفس، فالمرء قد يظلم نفسه بارتكاب بعض المعاصي، ومن رحمة الله بنا، أنه يعرف أننا خطاؤون، لذا؛ شرع لنا التوبة والرجوع مهما تعددت الأخطاء وتكررت، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله ﷺ: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله - تعالى، فيغفر لهم.
ومن المكابدة، كذلك الصبر على أقدار الله، كفقد مال أو فقد عزيز، أو الابتلاء بمرض، مما لها أثر كبير على النفس، ولا شك في أن علاج ذلك كله، القرب منه سبحانه، والرجوع إليه، فالنفس البشرية مجبولة على طاعته والإنس به، واستشعار أن ما أصابنا لم يكد ليخطئنا، وأن المؤمن مأجور على ذلك، وأن الحياة وإن طالت فهي قصيرة، وأن من علاج ذلك النظر إلى من أصيب بمصيبة، أشد منا، ومن ابتلي بأمور لا تقارن بما نحن عليه، وأن الحياة تمضي والأحزان تتلاشى مع الوقت.
قال الشاعر:
إن مسنا الضر أو ضاقت بنا الحيل
فلن يخيب لنا في ربنا أمل
وإن أناخت بنا البلوى فإن لنا
ربا يحولها عنا فتنتقل
الله في كل خطب حسبنا وكفى
إليه نرفع شكوانا ونبتهل
مَن ذا نلوذ به في كشف كربتنا؟
ومن عليه سوى الرحمن نتكل