ولو قرأت سير الناجحين لابد أن تجد فترات توقف وانتكاسة، والموفق من وفقه الله، ورزقه البصيرة وطول النفس وحسن التعامل مع ما يعترض له.
عندما نقرأ سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم نجد كتب السيرة تذكر: أنه بعد نزول الوحي عليه من رب العالمين جاءت فترة توقف فيها نزول الوحي، بعد أول نزوله في غار حراء ودام هذا الانقطاع أياماً، وقد أعقب ذلك في النبي صلى الله عليه وآله وسلم شدة الكآبة والحزن، تعتريه الحيرة والدهشة، حتى كاد يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكى يلقى نفسه منه تَبدَّى له جبريل عليه السلام، فقال : يا محمد، إنك رسول الله حقًا، فيسكن لذلك جأشه، وتَقَرّ نفسه، فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحى غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة الجبل تبدى له جبريل فقال له مثل ذلك.
حتى جاءت عودة النجاح والتوفيق بقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: فلما استبطنت الوادي- أي دخلت في بطنه- نوديت، فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً، ونظرت أمامي فلم أر شيئاً، ونظرت خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فرأيت شيئاً، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فجثثت منه رعباً حتى هويت إلى الأرض، فأتيت خديجة، فقلت: زملوني، زملوني، دثروني، وصبوا علي ماءً بارداً، فدثروني وصبوا علي ماء بارداً، فنزلت «يا أيها المدثر، قُم فَأَنذِرْ، وَرَبَّكَ فَكَبّر، وَثِيَابَكَ فطهّر» وذلك قبل أن تُفرض الصلاة ثم حمي الوحي وتتابع.
محطات توقف الناجحين لها فوائد ويجب أن يقتنصوا هذه الفوائد بدل الحزن وتوزيع الاتهامات على أعداء النجاح، فهي فرصة لالتقاط الأنفاس، وإعادة النظر في المسيرة، وتجديد الحماس نحو نجاح جديد، ولذلك لا يجب أن يتوقف الناجح عن استمرارية العطاء، فلابد من التوقف، وإنما النجاح لمن يستفيدون من مسيرتهم ومن فترات توقفهم.
@shlash2020