إن سرعة اندماج القطاع المالي مع التقنية الذكية والاستفادة منها بضمان الخصوصية أمر يدعو إلى تفقد حال هذا القطاع الذي يسير بذكاء ويسيطر على المرحلة المتقدمة من الاقتصاد، مما يجعل الناس في العالم منفتحين على خدمات الذكاء الاصطناعي.
القطاع المالي ولكي ينجو في وسط الأزمة قاد سفينة نوح دون نية مقصودة، ولكنه كان مركز الخدمات والمعاملات التي جعلت السوق نشطا في كل أزمة منذ جائحة كورونا وإلى اليوم، باستخدام المحفظة الإلكترونية المغامرة الناجحة، «وكذلك هذا القطاع قد يسبب الأزمات أيضا كما هو حال الأزمة الائتمانية».
غير أن التحدي الكبير الذي يواجه هذا التطور للقطاع المالي يكمن في تصاعد مخاطر الأمن السيبراني على خلفية نمو التحول الرقمي والتكنولوجيات، وتفاقم التوترات الجغرافية-السياسية، وفق ما جاء به تقرير الاستقرار المالي العالمي لصندوق النقد، وبحسبه فإنه على الرغم من أن حوادث الأمن السيبراني لم تؤثر على النظام ككل حتى الآن، إلا أن هناك ازديادا ملحوظا في خطر الخسائر الفادحة الناجمة عن تلك الحوادث، ويبقى عرضة لهذه المخاطر إلى حد كبير، وقد شهدنا تزايد حالات النصب والاحتيال والسرقات الناجحة بسبب هذا الضعف التقني.
ووفق التقرير فإن هذه الحوادث الجسيمة في الأمن السيبراني قد تفرض مخاطر على الاستقرار المالي الكلي من خلال فقدان الثقة، وتعطل الخدمات الحيوية، وانتشار التداعيات إلى المؤسسات الأخرى عبر الروابط التكنولوجية والمالية، فالتقنية جديدة والمحاذير بها لا تزال موضع دراسة وتجربة ولا بد من أن يعمم الوعي، لذا، يجعل من الصعب وضع الثقة الكاملة في الخدمات المالية الرقمية الذكية.
فيما يكمن الحل لتخفيف هذه المخاطر بتحسين تشريعات الأمن السيبراني وترتيبات الحوكمة السيبرانية في الشركات، إذ لا تزال أطر السياسات السيبرانية غير كافية عموما كما أشرت بسبب حداثة التجربة، ولذلك، يضع التقرير توصيات كتعزيز الحصانة السيبرانية للقطاع المالي، من خلال وضع استراتيجيات وطنية ملاءمة لحماية الأمن السيبراني، وتصميم أطر تنظيمية ورقابية ملائمة، وبناء قوة عاملة تتمتع بالقدرات اللازمة في مجال الأمن السيبراني، وصياغة ترتيبات محلية ودولية لتبادل المعلومات.
والمضي في مراقبة المخاطر السيبرانية بفعالية، بترشيد آليات الإبلاغ عن حوادث الأمن السيبراني والتنبيه المستمر لها، وتبني الثقافة الملائمة للتعامل مع المخاطر، وتشجيع مفهوم «النظافة السيبرانية»، والتدريب في مجال الأمن السيبراني والتوعية بأهميته، وللحد من الاضطرابات المحتملة، ينبغي للشركات المالية وضع إجراءات للاستجابة والتعافي واختبارها، وعلى السلطات الوطنية أيضا تصميم بروتوكولات للاستجابة وأطر لإدارة الأزمات، مع ضمان فعاليتها.
لماذا كل ذلك؟ لأن هذا القطاع «المنجي» هو هيكل الاقتصاد المحلي والعالمي، بعيدا عن مردوده وأرباحه وتأثيره المباشر. الاستثمار فيه ودعم لوجستياته وتوفير المساعدة للمنتفعين والشركان سينمي ليس القطاع فحسب بل حتى مشاريع التقنية والذكاء الاصطناعي الذي يوليها أهمية كبيرة، وسينشط كافة الأسواق التي تعتمد عليه، إن الاعتناء به سبيل للاستدامة.
@hana_maki00