كان فرصة بالنسبة لي للالتقاء بوجوه معروفة وذات عطاء وكأن لسان حالهم جميعا يقول إن هذه المجالس تجمعنا ولا تفرقنا، وقد جرت العادة في الأحساء على فتح المجالس لتعزيز اللحمة والتعايش بين أبناء الوطن الواحد، والذي يضرب به المثل والذي اشتهرت به الأحساء، وتميزت به كإحدى أعرق مناطق المملكة بعادات وتقاليد اجتماعية أصيلة، وذلك بوجود الأسر التي توارثت هذا النهج وداعية لاستمراره بين الأبناء في مختلف العصور وماضي الأيام.
هذه العادة المحمودة استوقفتني لعمل رصد بحثي وأسئلة تجول في خاطري ما هي أغراض، وأهداف، وماذا يجني المجتمع من هذه المجالس؟ فهي في دول الخليج اصطلح تسميتها «المجالس «أو ما يسمى «الديوانيات» والذي تبين أن لها أهمية كبرى كمنصة للحوار والتفاهم والتقارب، وتوفر فرصة للزوار للتعبير عن آرائهم والاستماع إلى وجهات نظر بعضهم المختلفة، مما تؤدي دوراً حاسماً في تعزيز الحوار والتواصل في فضاءً يجمع الجميع من مختلف الأعمار، والخلفيات الثقافية، ويسمح لهم بتبادل الأفكار والآراء بطريقة مفتوحة وصريحة.
هذا التفاعل يعزز واقع الفهم المتبادل، ويقلل من المفاهيم المسبقة والانقسامات الاجتماعية، أيضا هي تعزز قيم المشاركة والشمولية من خلال تشجيع المشاركة الجماعية في النقاشات، هذا يعطي الأفراد شعوراً بالانتماء والأهمية، ويحفزهم على الشعور بالمسؤولية تجاه مجتمعهم، وكذلك يسهم بتوفير دعم نفسي ومعنوي للأفراد من خلال توفير مساحة للتحدث عن التحديات الشخصية والحصول على النصيحة والمساندة من الآخرين، وكذلك من جهة أخرى يشجع على حفظ التقاليد والعادات الثقافية، مما يساعد الأجيال الجديدة على فهم وتقدير تراثهم الثقافي، وأن هذا الفهم يساهم في تعزيز الهوية الثقافية والوحدة الوطنية، ومن جانب آخر وجدت بأن بعض المجالس تشارك في تعليم وتثقيف المجتمع من خلال تنظيم محاضرات وندوات في مواضيع متنوعة منها صحية أو اقتصادية لترفع من مستوى الوعي والمعرفة لدى الحضور، مما يعمل على تطوير قدرات الزوار المعرفية والمهنية.
خلاصة القول هذه القلوب المفتوحة لترحب بضيوفها في هذه المجالس العامرة، دلالة مهمة لأصالة هذا المجتمع المتماسك المستنير، وهذه تجارب ثرية ترصد أحوال مجتمع غني بتاريخه وثقافته وتنوعه، وجسر ممتد للتواصل بين أفراده. هذه المجالس والمنتشرة جديرة بالتوسع في الدراسة والرصد ولتكن محط نقاش وتحليل أثر.
@Ahmedkuwaiti