البعض يسمها أمطارا صيفية، ولعل الأقرب تسميتها «أمطار الربيع»، وهذا يدعونا أن نتساءل هل ستتغير الأجواء خلال السنوات القادمة، إيذانا ببداية قرن مختلف من الناحية المناخية؟ أم هي فترة عابرة وستعود الأجواء كما كانت عليه في السابق؟
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التغيرات في المناخ سواء كانت كثرة الأمطار والفيضانات المتكررة وارتفاع درجات الحرارة عن معدلات سابقة، والجفاف الشديد في بعض المناطق، وكذلك ندرة المياه في أماكن أخرى، وارتفاع
مستويات سطح البحر، وذوبان الجليد القطبي، كلها ظواهر كانت بسبب التغيير المناخي. ومن الأسباب الرئيسية نشأت الثورة الصناعية، والاستهلاك الجائر للمواد الطبيعية، ونمط الحياة العصرية الذي لم يكن يراعي الطبيعة والبيئة خلال القرنين الماضيين بالتحديد. وقد قالت هيئة الأمم في هذا الشأن: «أظهر علماء المناخ أن البشر مسؤولون فعليًا عن كل الاحترار العالمي على مدار الـ 200 عام الماضية. تتسبب الأنشطة البشرية مثل تلك المذكورة أعلاه في حدوث غازات الدفيئة التي تعمل على ارتفاع درجة حرارة العالم بشكل أسرع من أي وقت في آخر ألفي عام على الأقل». أي أن الصناعات، الطاقة، وسائل النقل بأنواعها، الزراعة واستخدام الأراضي كلها تحتاج إلى إعادة نظر والبحث دائما عن الحلول البديلة والطاقة النظيفة، وتقليل الانبعاثات الغازية الضارة للوصول إلى انبعاثات صفرية، وإعادة التدوير وغيرها من البدائل والحلول.
واسمحوا لي أن أعود بكم إلى أجواء المطر، والنظر إليه من زاوية مختلفة، فقد روى ابن أبي الدنيا في باب «المطر والرعد»: «فيُذكَر أن بينما عمر بن عبد العزيز وسليمان بن عبد الملك بعرفة إذْ رَعَدَتْ، ثمَّ صعَقَتْ، ثمَّ بَرِقَتْ، ثمَّ أرخَتْ أمثال العزالي، فرفع سليمان رأسه إلى عمر بن عبد العزيز، فقال: هذا والله هو السلطان، فقال له عمر رحمه الله: يا أمير المؤمنين، إنَّما سمعتَ حِسَّ الرحمة، فكيف لو سمعتَ حِسَّ العذاب؟!».
وأضف إلى ذلك أن مثل هذه الأجواء المطيرة من فترة وأخرى، وفي أوقات مختلفة وغير متوقعة، تذكرنا بما جاء في الحديث النبوي: «لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يكثُرَ الهَرجُ وحتَّى تعودَ أرضُ العرَبِ مُروجًا وأنهارًا» فهل ما نعيشه اليوم من كثرة الأمطار يكون بداية تغيير الطبيعة والبيئة في المملكة لتبدأ رحلة عودة أرض الجزيرة خضراء كما كانت؟!.
وعلى جانب آخر، فلعل هذه الأرقام القياسية التي تحققها الأمطار تساهم أيضا في الوصول إلى أهداف «مبادرة السعودية الخضراء»، والتي هي مبادرة وطنية طَموحة تهدف إلى التصدي لتداعيات التغيير المناخي، وتحسين جودة الحياة، وحماية البيئة، وهو أمر سيعود حتما بالفائدة والنفع على الجيل الحالي والقادم.
وسيظل المطر له انطباعات الفرح والبهجة عند الأغلبية من الناس وخصوصا الأطفال، وقد قال الشاعر النابغة الذبياني مستبشرا بقدوم المطر: أرقت وأصحابي قعود بربوة.. لبرق تلألأ في تهامة لامع.
@abdullaghannam