إذا سنحت لك الفرصة فتوكل على الله وأقدم، فإن نجحت فزت، وإن لم تنجح فجمال المبادرة وآثارها يخفف الخسائر، وقد قيل: فاز باللذة الجسور.
تذكرت هذا الأمر وأنا أقرأ سيرة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وأتعرف على المبادرين الأوائل الذين لم يتأخروا عندما رأوا أنوار الحق فاتخذوا القرار الصحيح، وضحوا من أجله، ولم يسلموا عقولهم للآخرين، ولم يظلوا أسارى ما تعودوا عليه، وهؤلاء العظماء الأوائل في تاريخنا أربعة أسلموا في اليوم الأول لانطلاق حضارة الإسلام، وأولهم كما تذكر كتب السيرة امرأة وهي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها التي كانت قد علمت البشارات وسمعت الإرهاصات، وأبصرت ملامح النبوة، وعلمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو نبي هذه الأمة، وهي الأقرب له والأعرف به، فلما دعاها إلى الإسلام بادرت ولم تتردد، ثم بادر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى صديقه الحميم أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليخبره بما أكرمه الله به من النبوة والرسالة، ويدعوه إلى الإيمان به، فآمن به دون تردد ولا تلعثم وأسرع إلى التصديق وشهد شهادة الحق، فكان أول من آمن به على الإطلاق أو من الرجال، وكان أبو بكر الصديق أصغر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسنتين، وصديقاً له منذ عهد قديم، عارفاً بسره وعلانيته، فكان إيمانه مع خديجة أعدل شاهد على صدق محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن أول المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي كان تحت كفالته صلى الله عليه وآله وسلم مقيماً عنده كأحد أولاده، وكان عمر أبي الحسن عشر سنين فلما دعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الإسلام أجاب إليه بدون تردد مع صغر سنه، ومن الأوائل مولاه زید بن حارثة رضي الله عنه، وكان قد أسر أيام الجاهلية وبيع حتى وصل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فعلم به أبوه وعمه وجاءوا يطلبون إعادته، فخيّره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فاختار نبي الرحمة على أبيه وعمه، وأعلن الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم: اشهدوا أن هذا ابني وارثاً وموروثاً.
هؤلاء المبادرون حصلوا المجد العظيم والأجور الكبيرة بمبادرتهم، وأيضاً يجب تقدير المبادرين في كل عائلة ومؤسسة وإعطائهم حقهم فقد مهدوا الطريق لغيرهم.
بادر تفز.
@shlash2020