الكل أصبح مشغولا بهذه الأجهزة بشكل غريب لا يستغني عنها بعضهم حتى في العزاء عيناه تبحر في الجهاز متناسيا أن هناك ميت وعزاء كل المجالس التي كانت زاخرة بالقصص الشيقة والأخبار الجميلة أصابها الجمود والشلل والبركة في هذه الأجهزة التي قتلت روح الحوار والحديث، فكل مشغول ومع مين مع نفسه يتسابقون في تحميل المقاطع والنكت والصور وألهتهم هذه الأجهزة كثيرا عن فعل أمور أخرى طيبة تعود عليهم بالفائدة والغريب أصبح الجميع يصور ويحمل مقاطع وينشر هنا وهناك في إهدار للوقت بلا فائدة حتى الأطفال قتلت براءتهم هذه الأجهزة، ففي الماضي كان الطفل يلهوا ويلعب ويركض في سعادة والآن أكثر الأطفال محنطين خلف هذه الشاشات التي سحرتهم ببرامجها وتطبيقاتها إلى أن وصلت إلى ربات البيوت، فبدلا من التركيز على الأطفال وعلى كل ما هو مفيد أصبحت ربة البيت تتابع كل جديد وتطارد الأخبار والمقاطع غير مهتمة لما يدور حولها في المنزل وانتقلت العدوى إلى السائقين والخدم كل يدور حول نفسه يبحث عن الجديد ويرسل ويستقبل وعقولهم مع هذه الأجهزة، وأخيرا ظهرت القروبات والانستقرام والسناب وأسماء أسمع عنها ولا أعرفها وكأننا ناقصين ضياع وإهدار للوقت، فانطلق خلف هذه المسميات العديد من الرجال والنساء في رحلة أخرى من الضياع وهدر الوقت، هناك من وصل به الهوس إلى كتابة الرسايل والرد وهو يقود السيارة وعيناه وعقله مع الجهاز معرضا نفسه وغيره للخطر .
للأسف سرقت منا هذه الأجهزة بساطتنا وجمعتنا وأضاعت أعمالنا، هناك أسر عديدة لا تلتقي إلا في المناسبات وهم يعيشون في مكان واحد والسبب هذه الأجهزة، هناك بعض من الموظفين تمر عليه ساعات العمل وهو مبدع في الرد والمشاهدة ناسيا عمله ولا يسمع حتى من يناديه من المراجعين لأنه مشغول، حالات عديدة من السلبيات التي أوجدتها هذه الأجهزة في عالمنا، ونحن السبب لأننا لم نحسن استخدامها كما يجب وأعطيناها كل الوقت ولم ندرك أن لها وقت يسير في حياتنا، فمتى نفيق ونصحو من غفلتنا.
وقفة:
ماني قادر أقرا في عيونك تعابير
ماني قادر ألقى حق صمتك تفاسير
[email protected]