معدل التوطين يُقاس بنسبة الموظفين المواطنين إلى إجمالي الموظفين، وبالرغم من الانخفاض الطفيف مقارنة مع الربع الأول من عام 2023، أشار التقرير إلى وصول نسبة التوطين في القطاع الخاص بالمملكة إلى 21.2% في الربع الرابع من عام 2023، وكوجهة نظر شخصية لا أرى أي خوف من الانخفاض الطفيف الحاصل طالما هناك انخفاض في معدلات البطالة وارتفاع لأعداد المشتغلين السعوديين، والمهم هو المحافظة على تلك المستويات حتى يكون هناك قاعدة قوية في سوق العمل للموظفين السعوديين.
فيما يخص إجمالي عدد الموظفين المواطنين، أشار التقرير لوصول عددهم لما يقارب 2.328 مليون موظف من إجمالي 10.984 مليون موظف في القطاع الخاص بارتفاع مقارنة مع الربع الأول من نفس العام، وبارتفاع يُقدر بما يقارب 34.3% منذ نهاية عام 2020 والتي كانت مرحلة صعبة بسبب تداعيات أزمة كورونا، وهذا الارتفاع التدريجي يعكس نجاح السياسات التي تم تطبيقها في سوق العمل بمستويات أكثر من المتوقع، والملاحظ من خلال المؤشرات ارتفاع نسبة المواطنات أكثر من 40.9% من إجمالي الموظفين من المواطنين، وهذا يعكس نجاح جميع الجهود المبذولة في تمكين العنصر النسائي للدخول في سوق العمل، وأيضاً يعكس نجاح الموظفات السعوديات في إثبات أنفسهن، وبلا شك لا ننسى دور القطاع الخاص في الوصول لهذه المراحل المميزة.
مناطقياً؛ نجد هناك منطقتين تجاوزت معدلات التوطين فيها معدل التوطين العام للقطاع الخاص في المملكة، فالمنطقة الشرقية حققت أعلى معدلات التوطين مقارنة بين مناطق المملكة الإدارية، حيث وصل معدل التوطين فيها لما يقارب 26%، يليها منطقة مكة المكرمة حيث وصلت معدلات التوطين فيها ما يقارب 24%، ويليها منطقتي الرياض والمدينة المنورة حيث بلغت معدلات التوطين فيهما لما يقارب 20% بالرغم من كون منطقة الرياض تضم ما يقارب 44% من إجمالي الموظفين المواطنين في المملكة.
الملفت في المؤشرات هو أن أدنى معدلات التوطين تركزت في منطقة نجران بحيث بلغت ما يقارب 11%، ثم منطقة حائل بمعدلات توطين 12% ثم منطقة الجوف بمعدل 13%, ومن ثم نجد مناطق جازان والباحة والقصيم والحدود الشمالية بمعدلات توطين تقارب 14%، وحسب التقرير لفت انتباهي وجود قرارات توطين مناطقية في نجران وَحائل والجوف وَجازان وَالحدود الشمالية بالإضافة للقصيم، وعلى الرغم من ذلك ظلت معدلات التوطين فيها منخفضة، وهذا الأمر يحتاج لإعادة النظر.
ذكرت سابقاً بأن التوطين المناطقي من خلال لجان التوطين في إمارات المناطق، له دور كبير في تحسين مؤشرات سوق العمل بالمناطق الإدارية بالمملكة، وشخصياً ما زلت مقتنعاً بقاعدة «المناطق أدرى بتوطين وظائفها»، وذلك يعود لعدة اعتبارات منها موارد المنطقة وطبيعة منشآت القطاع الخاص فيها، بالإضافة لاختلاف الثقافات وإحصائيات المتعطلين في كل منطقة، ولذلك أرى أهمية لإعادة النظر في استراتيجيات التوطين المناطقي في المناطق التي سجلت أدنى معدلات للتوطين، لتشمل تصحيح وتقوية لسوق العمل فيها ومن ثم الاعتماد على قرارات التوطين، ومن أهم التوجهات هو تكثيف توسيع أنماط العمل الحديثة فيها وعدم الاعتماد على التوظيف التقليدي.
ختاماً؛ كوجهة نظر شخصية ما زلت أرى أن «التفكيك المناطقي» سيخلق فرصاً وحلولاً أقوى لرفع معدلات التوطين وتقليل معدلات البطالة، ولذلك من المهم إعادة النظر في توجهات التوطين المناطقي للمناطق التي سجلت أدنى معدلات للتوطين، والعمل على تطويرها بشكل أسرع من خلال مختصين في سوق العمل وليس من قبل أصحاب العمل.
@Khaled_Bn_Moh