أغلب دول العالم أصبحت تعي جيدا أهمية هذه اللعبة ليس فقط على المستوى الرياضي والصحي، بل حتى على تأثيرها السياسي فضلا عن المنفعة الثقافية والاجتماعية، وصار من المؤكد نجاعة «فعالية» مردودها الاقتصادي الذي لا يخفى على أحد، هي اليوم أضحت القوى الناعمة الرياضية الأولى حول العالم، فعلى سبيل المثال: من منا لا يعرف البرازيل؟! لأنها المصدر الأكثر للاعبين المحترفين حول العالم.
بكل بصراحة كرة القدم هي لغة عالمية، وتناسب جميع الأعمار، وتتجاوز جميع الحدود والبلدان. والسبب وراء ذلك أنها سهلة، ويمكن أن تلعبها أنت وابنك في البيت أو في الشارع مع الجيران أو في ملعب الحي أو حتى على باخرة في البحر، الأمر الآخر هو سهولة قوانينها، فهي لا تحتاج إلى عبقري حتى يفهمها! ولذلك حبذا لو لم يَكثر الفيفا من «زيادة القوانين» بل تبسيطها أكثر، لأنه إذا تعقدت قوانين وأنظمة أي لعبة أصبحت أقل انتشارا، كرة القدم بسيطة وجدلية في نفس الوقت! ولذلك يحبها الكثير من الناس ويتعلق بها.
ولا بد من الانتباه إلى أن الإكثار من شيء يفقده حلاوته! فالإنسان بطبعه ملول، ولذلك كثرة البطولات والدوريات في السنة من أجل «البحث عن الأموال» سيفقدها شيئا من المتعة، ومن هنا لابد من الموزونة بين «الاقتصاد» والشغف من أجل زيادة عدد المحبين والمتابعين. والشيء بالشيء يذكر، فقد بلغ عدد المشاهدين والمتابعين للمباراة النهائية فقط في كأس العالم في قطر «2022» مليار ونصف مشاهد حول للعالم، وهو رقم ضخم وفخم جدا يبين نموها اقتصاديا ورياضيا.
وعلى صعيد آخر، فقد قالت هيئة الأمم أنها اعترفت بهذا اليوم العالمي لأنه: «يعترف القرار الامتداد العالمي لكرة القدم وتأثيرها في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة والسلام والدبلوماسية، ويعترف كذلك بأن كرة القدم تخلق مساحة للتعاون، كما يعترف القرار «بالدور الأساسي» للاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا»، والدور الهام للاتحادات الكروية الإقليمية والوطنية، وكذلك الجمعيات ذات الصلة في تعزيز لعبة كرة القدم».
وأما عن سبب اختيار هذا اليوم بالذات فلأنه يصادف عام «٢٠٢٤م» الذكرى المئوية الأولى لأول بطولة دولية لكرة القدم في التاريخ، والتي جرت في «٢٥ أيار/ مايو ١٩٢٤م» خلال الألعاب الأولمبية الصيفية التي أقيمت في باريس.
وبناء على ما سبق، سيكون استضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم «2034م» حدثا هاما جدا، وله أبعاد وفوائد جمة ومتعددة، منها الرياضية والثقافية والاجتماعية والإعلامية. وبالإضافة إلى أنه سيكون سببا في تطوير البنى التحتية والأساسية، والطرق والموصلات، وكذلك تطويرا للسياحة الداخلية وانتعاشا للاقتصاد، وفرصا بالآلاف لتوظيف الشباب في مختلف المجالات والتخصصات.
وأما الجانب المظلم لهذه اللعبة «حيث أن لكل شيء إيجابياته وسلبياته» التعصب المشين، والعنصرية المقيتة، والخروج عن الروح الرياضية، والسلوكيات والألفاظ المنافية للدين والأخلاق، وخلق الأحقاد والضغائن بين بعض الأفراد حتى المقربين منهم، وحوادث وضحايا مؤسفة بين الجماهير، وقد يحدث أيضا صراعات أو ردة فعل بين بعض الدول خارجة عن إطار الكرة والدبلوماسية!
ومع ذلك، فإن كرة القدم تُلعب في كل مكان وفي كل وقت على هذه المعمورة، فهي بلا أدنى شك معشوقة الجماهير المتفردة بلا منازع.
@abdullaghannam