لنا الجفنات الغّر يلْمعن بالضحى
وأسيافنا يقطُرن من نجدة دمـا
ولدنا بني العنقاء وابن محرق
فأكرم بنا خالاً وأكرم بنا ابنمـا
الجفَنات = قدور الطبخ الكبيرة .
وأذكر كتاب النصوص اللواتي كانت مقررة علينا في التوجيهي أدبي عبّرت عن انتقادها للبيت الأول، إذ كيف يمكن للجفنات «القدور» أن تلمع في الضحى، والقوم آنذاك لا يأكلون وجبة غداء، ولا تلمع القدور في شمس منتصف النهار. ثم لماذا خلط الشاعر بين الأكل والفروسية حينا جاء على ذكر السيوف والدم .
خدمة المزاج لم تكن موجودة في الشعر الجاهلي حيث لم تكن القهوة موجودة في ذلك الزمن، وخدمة المعدة كانت الأهم في الصحاري والقفاري وتسيطر على إسداء المديح والجزالة قي الإطراء .
دعونا الآن نتناول الشعر الشعبي أو العامّي وكيف تطرق إلى مدح القبائل والأفراد وكبار القوم، وجدنا أنه يدخ إلى مزاج الضيف، بأكثرهِ، وليس إلى معدته، فذكر الدلّة والقهوة والفناجيل التي يُحظى بها الضيف أو القادم تفوق موائد اللحم، قال شاعر يصف كرم قوم:-
حمّاسة الصاع لدْلاٍ حَوال النار مقطير + من صنْع رسلان الأوّل جدّ كنعان أو بشاره.
الصاع كنية عن حجم ما يجري تحضيره من البن، وهو أوسع مكيال قديم، حتى نوعية وأصالة أواني القهوة «الدلال» من مصدر أصلي ومن علامات «ماركات» مشهورة جدا وهي ماركة «رَسْلان» مصنّع الدلال السورية، وجدّ كنعان وبشاره وهر مخطوطة فنيا وحفرا على كل دلّة.
ونسمع في أغاني أهل الشام «الأردن»:
يالله صبوا هالقهوه وْزيدوها هيل + واسقوها للنشامى عاظهور الخيل .
وهذه الأغنية هب الأخرى عليها ما عليها من النقد، إذ كيف يشرب من هم على ظهور الخيل «النشامى» قهوتهم وهم ممتطون جيادهم، أين يقع المزاج ؟.
ثم أيهما الأول، صب القهوة أم التبصّر في زيادة الهيل.