هذه الفلسفة تكمن في أن هذه الأندية التي تعتبر من أندية الدخل المحدود في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي اخترقت جدار الأندية الكبيرة ذات الثراء في حصد الألقاب وخطفها آنذاك.
ولكن الفرق بين قبضة الدانة، وبين الحالات المشابهة لها في الألعاب الأخرى لأندية (العين بصيرة واليد قصيرة) هي تأسيسها لامتداد هذه الفلسفة لأندية منطقتها، بدءا من يد النور ثم مضر ثم الصفا والاتفاق والقادسية في حقبة زمنية سابقة، بمعنى أن آثار يد الخليج ساهمت في اشتعال اللعبة لعدة أندية، والتاريخ يؤكد هذه الحقيقة.
(عرس سيهات لا يكتمل إلا بقبضتها)
ويد الخليج فلسفتها الكبرى أنها لم تعد مجرد لعبة كباقي الألعاب في تاريخ مدينة سيهات، بل أصبحت هوية المدينة الساحرة بجماهيرها وناسها كبيرهم وصغيرهم، فعندما يذكر اسم هذه المدينة تذكر لعبة كرة اليد كهوية ثابتة مهما ابتعدت عن المنصات والألقاب طيلة العشرين سنة الماضية، حتى مع بروز كرة القدم في هذه المدينة بقيت كرة اليد هي حلم كل سيهاتي بالعودة إلى الألقاب، وهي حقيقة لا ينكرها أبناء هذه المدينة.
عرس سيهات لا يكتمل إلا بعودة يدها لمنصات التتويج لاستعادة المجد الذي بدأ على سواحلها وحاراتها وشوارعها، فهي عنوان الفرح الأول لهم في الماضي والحاضر والمستقبل.
(سرت زحفا يا خليج)
وإذا كانت قبضة الخليج هي عنوان مدينة سيهات الدائم، والفرح الذي لا ينسى، وولادة التاريخ المهم لناديهم، فإن جمهور هذا النادي العريق أصبحوا علامة فارقة في مدرجات الصالات، وشهد لهم القاصي والداني بأنهم ظاهرة صعب تكرارها لحلاوة أهازيجهم طربا، ولأمواجهم المتلاطمة من على المدرج، فهم منذ زمن بعيد ملح كرة اليد السعودية، حتى بوجود جماهير الأهلي في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي، وكثير من نجوم اللعبة تغنوا بهذا الجمهور، وآخرهم الأنيق نجم النادي الأهلي والمنتخب سابقا سمير عبدالله.
لا غرابة في ذلك، فجمهور الخليج هو من يضع اللعبة في مقدمة الألعاب المختلفة عددا وطربا.
جماهير الخليج لكرة اليد من صالة جامعة البترول، وهي اللاعب الأول في إبراز اللعبة، ولا ينسى الجميع وجود الأكاديمي ورجل الأعمال والوجهاء وغيرهم في هذا المدرج، حتى تبلور هذا الجمهور في ظاهرة كانت حديث الصحافة آنذاك بوجود ناصر شبر وشقيقه هاشم والمرحوم جعفر امتدادا للأكاديمي الخليفة مرورا بأبو الدير (عبدالمنعم العباس) وشقيقه كامل العباس والكراون أشرف حكيم وعيسى ضيف وأبو سعود وعلي غالب حجي و وهب البقال وغيرهم من الجيل الجديد.
(العرابون لقبضة الدانة)
@ لا يمكن وأنت تستعرض تاريخ مجد يد الخليج أن يغيب اسم العرابين لهذه اللعبة في سيهات الثنائي محمد المطرود ونصر هلال اللذين صنعا للعبة وهجا خاصا، ليس على مستوى نادي الخليج فقط، بل على مستوى كرة اليد للمنتخبات بتأهل المنتخب السعودي على مستوى المنتخب الأول والشباب لمونديال العالم غير مرة، وساهما في انتشار اللعبة إعلاميا وجماهيريا، ولا ننسى وقفة عائلة المطرود من أيام الحاج عبدالله المطرود -رحمه الله- مرورا بأبنائه، وكذلك دعم الدكتور عبدالله السيهاتي وعوائل سيهات عموما في دعم هذه اللعبة، حتى أصبحت واجهة مدينتهم.(الجيل الذهبي)
ولا يمكن أن تنسى كرة اليد عموما وجماهير نادي الخليج خصوصا من صنعوا مجد هذه اللعبة وكانوا سببا مباشرا في انتشارها خصوصا لأندية المنطقة، وكانت فلسفة كرة اليد بنادي الخليج مبنية أيضا على العوائل، يتقدمهم الأسطورة أحمد حبيب وشقيقاه البرنس هشام وزكريا ومحمد علي عباس، والشقيقان محمد وأبو سعود العباس، والشقيقان الليزر هاني ومنعم الهلال، والنجم الكبير عباس السبع والجناح المتميز مصطفى عيد، والمرحوم عبدالكريم الشاخور وابنه ياسر والحواج علي وخليل وعائلة الهزاع عبدان وحسين وموسى وغيرهم الكثير.
لا أعرف السر وراء الخلطة السرية لتفريخ الخليج المستمر للمواهب الفذة في عالم كرة اليد، فكلما غادرهم نجم أوجدوا آخرين في ربيع العمر، فالخليج ناد يجيد تفريخ النجوم بامتياز، ولقبضة الدانة سحر لا يقاوم، وإثارة لا تذبل أزهارها، حتى لو تراجعت بعض السنوات، ولكن الدرس الذي استوعبه الخلجاويون، أن الخروج من مأزق النتائج السيئة يكون باستنهاض الهمم والثقة بالنفس، وهذه الطريقة هي التي جعلت الخليج متماسكا ونجح في تغيير البوصلة من الشق السلبي إلى الإيجابي وبدأ خليجهم في الحضور.
(حضور أخاذ)
السيف أصدق إنباء من الكتب.. في حده الحد بين الجد واللعب.. ذاك هو قول أبي تمام.. الذي ترجمه جمهور الخليج بالأمس.. فكان حضورهم الأخاذ في المدرجات.. وما بين (الجد واللعب) فقد نجح الخليج في التغلب على كل الظروف، وأثبت أنه فريق يمتلك شموخ الكبار الذين لا يعترفون بعوامل (التعرية) التي تنخر في أجساد الفرق فتحولها لأجسام متهالكة.. فقد بدل ذلك الشموخ طريق الشوك لطريق مفروش بالورود لتحقيق الفوز، وهو الأهم في مثل هذه المواقف.
ما لفت نظري في الخليج ليس الفوز.. بل ما شدني أكثر هو الحالة الإيجابية التي كان عليها اللاعبون وتسلحهم بعاملي الثقة والتفاؤل.. بل وإعلان التحدي..
(التغني بفن الخليج إنصاف)
التغني بفن وسحر وجمال الخليج إنصاف، فهو الذي نكتبه دائما كلما ركن على المنصات شيء من الذهب، ليمارس هوايته في مغازلته، وكأنه عاشق ومعشوق في قصائد الشعراء.
كل ما أراه في الدانة جميل، والإنسان السوي لابد أن يحترم الجمال.. دلوني فقط على شخص واحد في العالم يصنف من الأسوياء لا يحب الجمال.
الشخصية السوية التي لا يعتريها المرض، تنظر لجمال الخليج في كبد السماء، وتسافر مع أمواجه لأبعد نظر، طالما أن الأولى تصب زخات المطر في جو بديع، والثانية تصل بقاربها لشاطئ الأمان في لغة المكان والزمان.
ثرثرة الحرف تتناغم معه، فالكلمات تبحث في أحيان كثيرة عن السحر والجمال في عالم المجنونة، فما ذنبنا إذا كان هو عنوان المتعة والجمال داخل المستطيل الأخضر.
( عهد جديد )
كل ما سبق كتبته سابقا ، ولكن الحقبة الجديدة ليد الخليج التي بدأت قبل سنتين تقريبا شيئا من الخيال والإبداع والابتكار والإنجاز والإعجاز فقد أضاءت سيهات بما يقارب ١١ لقبا محليا وقاريا ، والأخير له وقع خاص لأبناء سيهات ، والأهم أن هذه الإنجازات الكبيرة والمثيرة تمت خلال سنتين فقط تحت إشراف إدارة شابة بقيادة المهندس / علاء الهمل التي أدخلت خزينة النادي إنجازات نوعية تاريخية ليس فقط في كرة اليد بل في كل الألعاب ، ولكن اليد بالذات كانت عنوان التفرد والتميز ، وأصبحت بحق الإدارة التاريخية الذهبية لمدينة سيهات عطفا على إنجازاتها الكبيرة .شكرا للأستاذ / علي المحسن المشرف على لعبة كرة اليد ولأسرة لكرة اليد بالمدينة الذين عملوا على تهيئة الأجواء لعودة يدهم للمنصات .
ولا أبالغ إذا قلت أن النجم حسين الصياد هو إيقونة الإنجازات الأخيرة مع بقية النجوم .