بينما النُبل فضيلة يسعى لها كل أصيل، والأصالة هنا تعني أصالة الفكر في القيم والأخلاق التي تحقق غاية الوجود في إعمار الأرض لترتقي بصاحبها إلى العزّة والرفعة في الذات أولاً والمحيط. ولكن تُلوّث الغيرة مفهوم الأصالة في حُسن المعاملة عندما يكون الإنسان غير قادر على تهذيب ذاته وتعويض النقص في داخله بالشكل الصحيح، لذلك، يلجأ الناقص إلى رد الاعتبار بأساليب ملتوية تعزز لديه نشوة الإنتقام وتُرفع قيمته بانحطاط الأفعال.
وهؤلاء بين حيلة العقل وخُبث القلب تجدهم يسعون دائماً لتدمير ما يُعمّره الآخرون، وهذا - مع الأسف - نراه على المستوى الشخصي والأسري والاجتماعي والوطني، لأن النجاح له ضريبة والقوي هو الذي يتحمّلها دون الاكتراث بما يفعله الآخرون، فكلما زاد شأن الفرد أو المجتمع أو الوطن، كلما ضاق بهؤلاء سعة الهواء ورحابة الأرض، والفعل الدنيء و النوايا الخبيثة ما هي إلا أسلحة لا تضر إلا صاحبها في النهاية والأمثلة من واقع الحياة كثيرة، فكم من قريب بعيد، وفي خائن، وصديق لم يصدق في صداقته، وشريف دنّس بغيرته طهارته.
تكمُن الأسئلة - دائماً - حول دوافع الخبثاء و أهل الشر الذين يرتدون ثياب الفضيلة للوصول الى الرذيلة، الغيرة وعُقدة النقص تعتبر دوافع لسلوكيات مختلفة هدفها التعطيل أو التدمير، لأن نجاح الآخرين يعتبر مصدر إزعاج لمن خبُثت نواياه، والحيلة واردة ولكن بغض النظر عن النوايا فإن سلوك الخبثاء مفضوح، لأن عمر الباطل قصير في بيئة أهل الحق، لذلك، يلهث الخبثاء أثناء تجولهم لنشر الفتن و تسقط أقنعتهم وهم في أعلى المنصات وفي النهاية يصرخ الفساد بأسمائهم وتُفضح أفعالهم.
والحمد لله على نعمة البصيرة، فالقلوب التقية وأعمالها الخيّرة بمثابة الضوء الذي ينير بصيرة صاحبها.
@FofKEDL