الوقت أيها القراء الكرام هو أعز ما نملك وتلك حقيقة، وسوف ندرك ذلك جيدا في وقت متأخر من العمر، وأن هناك الكثير من الأوقات قد ضاعت في غير محلها، ولذلك جاء في الحديث النبوي الشريف ما يؤكد على هذه المسألة، فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ وهو يَعِظُه: «اغْتَنِمْ خَمْسًا قبلَ خَمْسٍ: شبابَكَ قبلَ هَرَمِكَ، وصِحَّتَكَ قبلَ سَقَمِكَ، وغِناءكَ قبلَ فَقْرِكَ، وفَراغَكَ قبلَ شُغلِكَ، وحياتَكَ قبلَ موتِكَ».
ولعل من أحسن طرق الاستفادة من الوقت هي الروتين المفيد، حيث يكون هناك خطوط عامة لما تريد أن تنجزه خلال السنة، ومن الملاحظ أن الكثير من الناس لا يحب التقيد أو بالأصح «الانضباط» على جدول معين، ولكن الواقع أن الذين ينجزون هم أولئك الذين لديهم خطة عامة لما يردون فعله خلال السنة من الناحية المالية أو النفسية أو الروحية أو الجسدية أو بشأن العلاقات العامة والخاصة، وغيرها من الأعمال والأهداف التي تصب في خانة الانجاز والعمل.
إن من أسوأ القضايا للإنسان أن يكون فارغا بلا هدف ولا معنى ولا سعي، وقد ورد هذا المفهوم في عدة آثار متشابهة المعنى عن الصحابة - رضي الله عنهم -، فمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : إني لأكره أن أرى الرجل سبهللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة، وعن ابن مسعود -رضي الله عنه - قال: إني لأمقت الرجل أراه فارغا ليس في شيء من عمل دنيا ولا آخرة.
ولا يعني هذا أن لا يكون هناك أوقات للراحة والاستجمام ولكن ساعة وساعة كما قيل، فقد جاء في حديث سلمان الفارسي ناصحا لأخيه أبي الدرداء - رضي الله عنهما - أنه قال له : «إن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعطِ كل ذي حق حقه» وقد أكد ذلك - عليه الصلاة والسلام - حين قال: «صدق سلمان».
ومن الأشياء التي تساعدنا أيضا على حفظ الأوقات «وهي على عجالة» وممكن الأخذ ببعضها لا كلها، لأن المهم حقا هو تكرار المحاولة حتى يصبح الأمر عادة، منها: تقييم الوقت الماضي، وضع حدود زمنية مرنة، كتابة قائمة عملية، والاهتمام بالمهام الصعبة أولا، خلق عادة التخطيط والتنظيم، ومن الضروري وضع أوقات راحة بين المنجزات والمهمات من أجل شحن بطارية الهمة.
وتجدر الإشارة إلى أن ذوي الهمم العالية ينظرون إلى الوقت بطريقة مختلفة، حيث أن «الدقيقة» عندهم لها ثمن غالي، فقد نُقل عن ابن قيم الجوزية أنه قال: حدثني أخو شيخنا عبدالرحمن بن تيمية عن أبيه قال: كان الجد إذا دخل الخلاء يقول لي: اقرأ في هذا الكتاب وارفع صوتك حتى أسمع!!
وربما أسوأ ما في الفراغ وضياع الوقت أنه يجلب لصاحبه الهموم والغم والحزن لأنه فارغ، ويفكر في كل شيء إلا العمل و السعي!
وخلاصة القول، أحط نفسك بالمهتمين بالوقت والإنجاز تصبح منهم ومثلهم.
@abdullaghannam