ومع أن البعض منا يتحدث عن آداب الحوار إلا أن ما نعبر عنه من ضرورة الالتزام بهذه الآداب يتهاوى مع أول ممارسة، ومن أراد مثالاً فليشاهد ما تعرضه البرامج الحوارية في القنوات القضائية وللأسف وفي كثير من الأحيان- مثقفون يفترض أنهم يضربون المثل والقدوة -.
في المجالس نتحدث عن احترام الرأي، لأن «اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» .. وعند الممارسة تغيب هذه المقولات وتظهر ممارسات تختلف عما نقول، وينطبق علينا قوله تعالى: «لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون»، كما يغيب أن الاختلاف يثري الفكر والثقافة، ويدفعنا إلى مزيد من البحث عن الحقيقة، علاوةً على احترام الآخرين، فلا يجوز أن نهزأ بآراء الآخرين أو يتحول الخلاف إلى عداء شخصي أو أن يقوم الاختلاف في الرأي أصلاً على المواقف المسبقة ورفض الآخر لمجرد اختلافه في الانتماء الوطني أو الديني، لأن الفيصل ينبغي أن يكون البحث عن الحقيقة ومواجهة الحجة بالحجة، أما غير ذلك مما يصل إلى الشتم بل والاشتباك بالأيدي فهذا يظهر المستوى المتدني من الأدب الذي يصل إليه البعض.
بعض القنوات الفضائية تحرص على هذا النوع من الحوار وتشجع عليه، وتكرره في حلقات البرامج التي تقدمها، والمؤسف أن من يسلكون هذا المسلك لا يسيئون إلى أنفسهم فقط، بل يسهمون في تعميق مشاعر الإحباط، وضرب قدوة غير مستحبة للأجيال الناشئة في أساليب الحوار.. فلا استماع ولا إنصات بل مقاطعة شبه مستمرة، وعناد على الرأي الشخصي.. كل ذلك يؤكد ضرورة أن تكون هذه السلوكيات محل مراجعة لدى هذه القنوات.. وكذلك المؤسسات المتخصصة لتحمي الأجيال وتعزز لغة الحوار .
[email protected]