وظيفة العقل البشري تكمن في قوته لقيادة حامله نحو النجاة من المخاطر والموت، العقل يحقق نجاح البقاء، يحقق الانتصار على تحديات البقاء، ندرة المياه هي التحدي الوجودي الأكبر أمامنا وبيئتنا. ما عدا هذا هو ترف حياة محورها بذخ نتيجة لتوفر الماء. الدليل يأتي من التاريخ.
جميع الحضارات الإنسانية قامت على ضفاف الأنهار.. حيث الماء يعتلي بشأن العقل في مجالات أخرى، بعد أن ضمن هذا العقل لصاحبه قوة استدامة البقاء.
البيئة الطاردة تحتضن العطش. يظل تهديدها قائما، حاضر الخطورة مهما حاول الإنسان تحديها بحلول اصطناعية.
لا يكفي أن تشرب وتترك البيئة من حولك تحتضر وتموت عطشا. نحن أبناء البيئة وصنيعتها، وهذا يفرض علينا واجب رعايتها وتنميتها.
العيش في بيئة تحمل العطش ومعاناته يفرض تضحيات لخدمتها، خطرها لا يزول، يظل كامنا يتربص حتى في ظل الاستغناء عن خدماتها، في علاقتنا مع بيئتنا أصبحنا في وضع أشبه بوضع من يتخلى عن خدمة والدية وتوفير احتياجهما؟
قد ينجح الإنسان مرحليا مع توظيف وسائل وأدوات الاستغناء عن البيئة وهجرها، لكن بنهاية المطاف ستنتصر عواملها الطاردة، سلاحها وببساطة يكمن في قلة الماء وشحه، ويتعاظم أيضا في نضوبه، ندرة الماء تهديد خطير مستدام لحياة البشر وحياة عطاء البيئة مع غياب علاقة التعايش.
الغفلة تزيد من بطش تأثير ندرة الماء، كل جيل مسؤول عن جيل يليه، تآكل المسؤولية البيئية يهدد وجود الأجيال القادمة. يتعاظم التهديد مع تراخي الحذر، وتجاهل أهمية الوعي، وغياب القلق المشروع، الوضع مرعب مع التفكير المنطقي، خاصة مع زيادة الطلب على المياه جيلا بعد آخر.
إن محاربة العطش ليست في توفير ماء الشرب ومتطلبات بذخ الحياة اليومية، الخلل يتعاظم عندما يعيش الابن بذخ الحياة بتوفر الماء بين يديه، بينما والديه يعيشان معاناة ندرة الماء، هذا وضعنا مع البيئة عندما نتركها تعطش أكثر وأكثر، البيئة حاضنة الحياة شئنا أم أبينا.
كيف يمكن للإنسان تحقيق الانتصار على ندرة الماء لصالحه وبيئته؟ مشروعي يحقق الإجابة. مشروع نابع من البيئة نفسها، كل الإجابات الاستراتيجية التي يحملها تحقق التعايش مع البيئة من خلال إمكاناتها المتوفرة. البيئة تحمل الحل ونقيضة. مشروعي يحقق التعامل مع حل تحمله البيئة، مشروعي يعمل على تقليص وتقزيم عوامل انتشار النقيض.
متى تكون البيئة عدوا للإنسان؟ متى تصبح قاتلة، ولماذا؟ جميعنا نعرف الإجابة، نسمع سنويا قصص موت البعض في الصحاري. حيث العطش ينزع النفس من الجسد.
سلاح الصحراء هو العطش. عندما يقف العقل عاجزا عن انقاذ صاحبة من العطش فهذا يعني أن هذا العقل يسلم نفسه وصاحبه للموت، هذا ما يحدث للبشر في الصحاري الظامئة.
@DrAlghamdiMH