بدايةً من المهم توضيح بأن العمل مستمر بأحكام نظامي التقاعد المدني والتأمينات الاجتماعية على المشتركين الحاليين، بإستثناء الأحكام المتصلة بالسن النظامية للتقاعد والمدة المؤهلة لاستحقاق المعاش لبعض الفئات، والنظام الجديد يختص بالملتحقين الجدد بالعمل، والتعديلات الحاصلة كانت متوقعة، والمهم أنها راعت المشتركين من لديهم مدد اشتراك قريبة من سن التقاعد المبكر، ولن يكون هناك تأثير كبير عليهم، فعلى سبيل المثال من لديه مدة اشتراك في أحد النظامين أو كليهما في تاريخ سريان التعديلات ١٩ سنة وأكثر فلن يكون هناك أي تغيير على المدة اللازمة للتقاعد المبكر بعد التعديل.
سن التقاعد يختلف بين دولة وأخرى، واقتصادياً من المهم إعادة تقييم السن الأنسب للتقاعد في المملكة مع ارتفاع متوسط العمر الصحي، خاصة أن أحد مستهدفات الرؤية هو زيادة متوسط العمر المتوقع لسكان المملكة من ٧٤ سنة إلى ٨٠ سنة، ومنطقياً رفع سن التقاعد يرفع من مستويات التراكم المعرفي في سوق العمل، حيث يتمتع الموظفون الأكبر سنًا عادةً بخبرة وكفاءة عالية في مجال عملهم، ويُستفاد من خبراتهم ومهاراتهم ونقلها للغير، وهذا بالتأكيد له انعكاس إيجابي على الإنتاجية بشكل عام، وإضافة لذلك يعود بالفائدة على الأفراد أنفسهم من خلال زيادة دخلهم، مما يقلل من الظروف المادية الصعبة بعد التقاعد، وحتى نصل لهذه المرحلة من المهم أن نحقق هدف ثقافة الادخار وفقاً لرؤية المملكة من ٦٪ إلى ١٠٪ قبل موعده، وذلك من خلال زيادة فرص ومنتجات الادخار والتغيير الإيجابي في سلوك الافراد تجاه عملية الادخار.
مع المتغيرات الاقتصادية العالمية نجد أن سوق العمل في المملكة كان في حاجة لتطوير منظومة الحماية الاجتماعية بشكل أوسع، والتوجه لرفع سن التقاعد بشكل عام سيخفف من الضغط على نظام الحماية الاجتماعية لتحقيق التوازن المالي وحتى يبقى النظام أكثر استدامة، ولذلك أرى أهمية لوجود عدة اضافات في أنظمة التأمينات الاجتماعية كتفعيل «أنظمة الادخار» من خلال اتاحة عدة منتجات ادخارية «اختيارية» لاستثمار وتنمية مستحقات العاملين، وذلك من خلال التنسيق مع صناديق استثمارية معتمدة أو منتجات ادخارية، ومن المهم أن يتم تحفيز المؤسسات والشركات على تأسيس صناديق ادخارية للعاملين لديهم، وذلك من خلال توفير منتجات ادخارية واستثمارية ذات عوائد مجدية.
من التحديثات المهمة والتي لها تأثير ايجابي على دور المرأة العاملة ومشاركتها في سوق العمل هو اطلاق «منفعة الأمومة»، حيث ستساهم في مساعدة العاملة على الاستمرار في عملها وتخفيف الاعباء المالية على المنشآت من خلال منح التأمينات الاجتماعية للمرأة العاملة تعويضاً عند انقطاعها عن العمل بسبب الولادة نيابة عن صاحب العمل، وكوجهة نظر شخصية أرى أهمية لاطلاق مبادرة شبيهة لذلك مختصة بالاجازات الطبية لكل العاملين وربطها مع مدة الخدمة في التأمينات، وأحد التعديلات التي لم يلتفت لها العديد من المختصين بالرغم من أهميتها هي الزيادة التدريجية لنسب الاشتراكات على المشمولين بالنظام الجديد بعد 12 شهراً من تاريخ سريان النظام بنسبة 5% لكل سنة خلال أربع سنوات ثم تتوقف الزيادة بعد ذلك، وهذا الأمر مهم لتعزيز إيرادات التأمينات، ويساعد في تحسين المزايا للمشتركين تدريجياً.
ختاماً؛ بإختصار الإجراءات التطويرية المعلنة تمثل خطوات ضرورية للارتقاء بالاقتصاد وتحسين حياة المواطنين، وضرورية لمواجهة التحديات المستقبلية لضمان استدامة النظام التقاعدي على المدى الطويل.
@Khaled_Bn_Moh