تاريخ الحرات في المملكة
وقال المتحدث الرسمي في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية طارق أبا الخيل لـ " اليوم "، إن نشأة الحرات في المملكة تعود إلى نشاطات بركانية مكثفة على مدى مرحلتين زمنيتين رئيسيتين.وأوضح أن المرحلة الأولى بدأت قبل 25 إلى 30 مليون سنة وكانت مرتبطة بالصدع العميق في القارة الأفريقية والذي تزامن مع انفتاح البحر الأحمر، وأدى هذا الصدع إلى تدفق الصهارة البازلتية إلى سطح الأرض، ما أسفر عن تكوين الحرات الأولى.
أما المرحلة الثانية فقد بدأت منذ حوالي 12 مليون سنة وشهدت نشاطًا بركانيًا متجددًا أدى إلى تشكيل معظم الحقول البركانية الحالية في المملكة. هذه المرحلة تميزت بتدفقات حممية كثيفة وتراكمات بركانية ضخمة.
الحقول البركانية الرئيسية في السعودية
أشار أبا الخيل، إلى أن الحرات تغطي مساحة تقدر بحوالي 90 ألف كم² وتشمل العديد من الحقول البركانية البارزة مثل حرة خيبر التي تُعد واحدة من أكثر الحرات تنوعًا جيولوجيًا وتاريخيًا.إضافة إلى حرة رهط تُعتبر من أكبر الحرات وتضم العديد من الفوهات البركانية، وحرة كشب تشتهر بتشكيلاتها البازلتية الفريدة، بينما تمتد حرة الحرة عبر الحدود الشمالية للمملكة وتحتوي على تراكيب جيولوجية مدهشة.
وحرة عويرض تقع في منطقة المدينة المنورة وتضم مناظر طبيعية خلابة، أما حرة البرك فتقع على الساحل الغربي للمملكة، وتحتوي حرة اللونير على تكوينات بركانية نادرة، وتشتهر حرة الرحى بفوهاتها الضخمة. حرّة السراة تُعد أقدم الحرات وتحتوي على تراكيب جيولوجية تعود إلى أزمنة سحيقة.
المعالم الجيولوجية في الحرات
وأوضح أبا الخيل، أن الحرات السعودية تضم مجموعة متنوعة من المعالم الجيولوجية الفريدة التي تكونت نتيجة للأنشطة البركانية المختلفة عبر العصور.و تشمل هذه المعالم الفوهات البركانية وهي حفر كبيرة تكونت نتيجة لانفجارات بركانية عنيفة، الفواصل العمدانية وهي تكوينات صخرية عمودية تشكلت نتيجة لتبريد الحمم البازلتية بسرعة، الأنابيب البركانية وهي أنفاق طبيعية تشكلت بفعل تدفق الحمم البركانية تحت سطح الأرض، حمم الباهوهوي التي تتسم بسطح أملس ومتموج، وحمم الآه آه التي تتميز بسطحها الخشن والحاد.
وأكد أبا الخيل، أن الحرات السعودية تُعد مواقع ذات أهمية علمية كبيرة إذ تقدم معلومات قيمة حول الأنشطة البركانية وتاريخ الأرض.
كما تشكل الحرات بيئات فريدة لدراسة التنوع البيولوجي في البيئات الصحراوية القاسية. تسعى المملكة إلى تحويل هذه المواقع إلى حدائق جيولوجية معترف بها عالميًا من قبل منظمة اليونيسكو مما سيسهم في تعزيز السياحة البيئية والعلمية.
التنمية المستدامة
وأشار أبا الخيل إلى أن المملكة تعمل على تطوير استراتيجيات لحماية الحرات والاستفادة منها بشكل مستدام من خلال الترويج للسياحة الجيولوجية وتطوير مواقع الحرات كمزارات سياحية علمية، ودعم الأبحاث والدراسات الجيولوجية لفهم أعمق لتاريخ وأنشطة الحرات. كما تعمل على الحفاظ على البيئة من خلال تطبيق إجراءات للحفاظ على النظام البيئي الفريد للحرات.وقال إن الحرات السعودية تمثل كنوزًا جيولوجية غير مستغلة بالكامل حتى الآن، مشيرًا إلى أن هذه المعالم الطبيعية الفريدة يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في تعزيز المعرفة العلمية وزيادة الوعي البيئي، إضافة إلى دعم الاقتصاد من خلال السياحة المستدامة.
واختتم أبا الخيل، بالقول إن اكتشاف أسرار الحرات واستغلالها بشكل مسؤول سيعود بفوائد جمة على المملكة والعالم أجمع.