التنوع الثقافي هو انعكاس لجمال المجتمع وتعدد تجاربه، وفي المجتمعات المتنوعة ثقافياً نلاحظ الانفتاح في الثقافة والتعددية، والاحترام والتقدير للثقافات المختلفة والذي يعزز من شعور الانتماء ويقلل من احتمالات النزاع والتوتر.
في دراسة أجرتها جامعة هارفارد تؤكد أن الفرق التي تضم أفرادًا من خلفيات ثقافية متنوعة تحقق أداءً أفضل بنسبة 35% مقارنة بالفرق التي تفتقر للتنوع ما يؤكد ارتباط التنوع الثقافي والإبداع وتعزيز الابتكار داخل المجتمعات والمؤسسات، والذي هو من ضمن مستهدفات رؤية 2023م.
كما أظهرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة أن المجتمعات التي تعاني من التمييز العنصري تشهد معدلات أعلى من الفقر والجريمة، مما يؤثر بشكل مباشر على استقرارها ونموها الاقتصادي. لذا، يجب أن تكون مكافحة التمييز العنصري جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات التنمية المستدامة.
على الرغم من التقدم الذي تحقق في بعض المجتمعات، إلا أن التمييز الذي يعزز من العنصرية لا يزال يشكل تحديًا كبيرًا بسبب الموروثات من السلوكيات العنصرية التي قد تمارس بوعي أو بدون وعي وتؤثر على حياة الناس الذين يعانون منها، كان بالاعتقاد أو الممارسات.
فالعنصرية هي الاعتقاد بأن مجموعة معينة هم أرفع مستوى من مجموعة أخرى، وقد يعبر عنها بشكل علني على شكل نكات عنصرية، وافتراء أو جرائم كراهية، ويمكن أن تكون متجذرة أكثر في المواقف والقيم والمعتقدات النمطية.
أما التمييز العنصري فهو التعبير غير القانوني للعنصرية ويتضمن أي عمل سواء كان بقصد أو بغيره والذي ينتج عن إستبعاد أشخاص على أساس العنصر وفرض أعباء عليهم وليس على غيرهم أو حجب أو تحديد حصولهم على الامتيازات المتاحة لبقية أفراد المجتمع، في مجالات يغطيها القانون.
المملكة تحفظ حقوق الإنسان في نظامها الذي يؤكد على تعزيز اللحمة الوطنية، وتتجلى جهودها في تعزيز الحوار والتسامح والتعايش بين الأفراد بشكل واضح، خاصة خلال المناسبات الدينية المختلفة، فعلى سبيل المثال مرت ذكرى عاشوراء في ظل تنظيم أمني، مما يعكس حرص الحكومة على توفير بيئة آمنة لجميع مواطنيها، في وقت نرى تفاقم التمييز العنصري والكراهية في بعض الدول الأخرى، وهنا تبرز المملكة كنموذج يُحتذى به في تعزيز الحوار والتسامح بين مختلف الفئات.
ولتشجيع التنوع الثقافي فهناك خطوات استباقية، يبدأ ذلك بتطوير برنامج قوي مضاد للتمييز يساعد على منع ومعالجة الأشكال الفردية والنظامية للتمييز العنصري، ويمكن أن يتضمن ذلك جمع البيانات العددية القائمة على العنصر، والتأكد من عدم وجود حرمان قائم على العنصر، ومراجعة السياسات والممارسات وعمليات اتخاذ القرار وثقافة مكان العمل لمعرفة الآثار السلبية فيها، بالإضافة إلى تطبيق وتعزيز السياسات المضادة للعنصرية والتمييز العنصري والمضايقة، وبالطبع الاستمرار في التوعية الحقوقية.
تعزيز التنوع الثقافي ومحاربة التمييز العنصري يتطلبان جهودًا مستمرة وأن نكون جميعًا جزءًا منه من خلال التوعية أو المشاركة في المبادرات التي تدعم هذه القيم، فبناء مجتمعات تعتمد على الاحترام المتبادل والتفاهم يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
@DrLalibrahim