الغني يملك مزرعة كبيرة فيها من الخير الكثير ويرسل مع خادمه كل يوم قربة من اللبن الطازج إلى صاحبه، في يوم من الأيام حدث بينهما خلاف، زاد هذا الخلاف وتطورت فجوته بعد دخول الشيطان بينهما وبدأت علامات القطيعة بين الخليلين. يُصلي كل منهما بعيدا عن الآخر بعد أن كانا متجاورين ويدخل كل منهما من باب مختلف بعد أن كان يجمعهما باب واحد بل حتى اللبن الذي كان يُرسل كل يوم ويضفي نكهة جميلة على الغداء والقيلولة انقطع في اليوم التالي، فقال لزوجته: ألم يرسل صاحبنا لبناً اليوم ؟
قالت زوجته لا، قال لعل له عذراً، وفي اليوم التالي تكرر نفس الحال، فقال لعل له عذراً، وكذلك اليوم الثالث فقال سأذهب إليه وانظر ما ذا أصابه فلعل حادثً حدث أو أمرا سيئاً فمهما كان هو صاحبي، اتجه إلى منزله ماشياً مسرعاً حتى وصل اليه وطرق الباب، فإذا بالصاحب الغني يفتحه وكانت المفاجأة أنه سليم معافى فقال أينك يا رجل وأين اللبن الذي كان دائما يخبرني أنك بخير؟ فقال له والله لم يردّني عن إرسال اللبن إلا أنني خشيت ان ترفضه فيزيد الشيطان الخلاف خلافاً فشق عليّ ذلك، فرد قائلا وفوق القطيعة تقطع اللبن؟ ألا تكفي قطيعتك فتقطع فوقها اللبن أيضا؟ اللبن كان كل يوم يبلغني عن حبك لي ويرسخ جسر التواصل بيننا فلما انقطعت أنت انقطع هو معك.
خجل من صاحبه وقال: والله ما ينقطع منك بل سأوصله لك من اليوم على كتفي وانتهى الخلاف وعاد ابليس تعيسا.. ما أعجبني في هذه القصة هو رُقي العتاب وروعة الخلاف هؤلاء هم من كانوا يسمون الزعل «وقفة خاطر» فهم يجملونه حتى وإن كان منبوذا حتى لا يكبر أثره في النفس ثم ينتقل الى الجوارح، للأسف لو حصل هذا عند بعض الناس لنسفوا ماضيهم كله ولحلّت القطيعة بينهم وبين أولادهم وحتى أقاربهم وكأنه جرم تم اقترافه.
الرسول - عليه الصلاة والسلام - وصف المنافق «اذا خاصم فجر».. فاللهم لا تجعلنا من فُجّار الخصومة ولا كُفّار العِشرة..
@Majid_alsuhaimi