مع انتشار أنظمة التشغيل التابعة لشركة "مايكروسوفت"، أصبح العالم يعتمد بشكل كبير على برامج "ويندوز" لتشغيل أجهزة الكمبيوتر في المؤسسات الحكومية والشركات والأفراد على حد سواء. ويثير هذا الاعتماد الكبير مخاوف متزايدة بين المحللين التقنيين الذين يحذرون من أن أي عطل أو ثغرة أمنية في هذه الأنظمة قد تؤدي إلى كارثة تقنية عالمية. مثلما حدث في الخلل التقني العالمي الكبير، الذي أدى إلى توقف العمل في شركات ومطارات عديدة حول العالم.
التهديدات الأمنية لنظام "ويندوز"
أوضح المحللون أن الاعتماد المفرط على نظام تشغيل واحد يجعل البنية التحتية الرقمية أكثر عرضة للهجمات الإلكترونية. فالثغرات الأمنية في برامج "ويندوز" يمكن أن تستغل من قبل القراصنة لتنفيذ هجمات واسعة النطاق، مثلما حدث مع شركة "كرواد سترايك" في الخلل التقني الأخير الذي نشب من ثغرة في نظامها الذي يدعى "فالكون"، وفيروس "وانا كراي" في عام 2017 الذي تسبب في شلل العديد من المؤسسات حول العالم حينها كذلك.
ماهو نظام فالكون؟
يعد فالكون عبارة عن منصة أمن سيبراني سحابي مصمم لتوفير إدارة لحماية الهويات وأمان محطات الوصول النهائي ومثل العديد من الحلول المماثلة الأخرى تستوعب فالكون معلومات استخباراتية عن التهديدات من مصادر متعددة وتستفيد من درجة عالية من الذكاء الاصطناعي والأتمتة لإحباط الهجمات والتخفيف من الخروقات.
مشكلات تقنية دون تدخل بشري
يمكن إرجاع الانقطاع الهائل في تكنولوجيا المعلومات الذي حدث إلى تحديث روتيني آلي لمحتوى فالكون أدى إلى إتلاف الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل مايكروسوفت ويندوز.
أدى هذا إلى ما تسميه صناعة التكنولوجيا "شاشة الموت الزرقاء" على أجهزة ويندوز في جميع أنحاء العالم.
اقرأ أيضاً: لماذا لم تتأثر الصين وبعض دول الشرق الأوسط بالخلل التقني العالمي؟
وبالصدفة، قبل أربعة أيام فقط من الحادث في 15 يوليو، أصدرت كراود سترايك بيانًا صحفيًا يتعلق بخدمة الكشف والاستجابة المُدارة من الجيل التالي من فالكون وفي هذا فقد لا يكون الإعلان مرتبطًا بما حدث لكنه يستحق مزيدًا من التحقيق.
تحقيق الكونجرس في الخلل التقني
ستضطر شركة كراود سترايك إلى الإجابة على العديد من الأسئلة، بما في ذلك تحقيق قادم في الكونجرس الأمريكي.
وتتمتع الشركة بقاعدة عملاء ضخمة في الخدمات المالية والرعاية الصحية والصناعية والأغذية المصنوعة في العالم.
اقرأ أيضاً: ليس هجومًا سيبرانيًا.. خبير تقني: خلل وراء تعطل مطارات وبنوك حول العالم
أعلنت شركة مايكروسوفت مؤخرًا أن ما يقرب من 8.5 مليون جهاز تأثرت بخطأ نظام التشغيل الناتج عن تحديث محتوى كراود سترايك وهو ما يمثل أقل من 1% من جميع أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام ويندوز.
ضرب البنية التحتية الحيوية
ومع ذلك، أصبح من الواضح تمامًا أن العدد الضئيل من الأجهزة المتأثرة شمل قدرًا كبيرًا من البنية التحتية الحيوية.
ومن الأمور المزعجة أيضًا أن الرئيس التنفيذي لشركة كراود سترايك شهد حادثة مماثلة في عام 2010 أثناء عمله كرئيس تنفيذي للتكنولوجيا في شركة "مكافي" كما كشف مؤخرًا المحلل الرئيسي في شركة "مور إنسايتس آند ستراتيجي" أنشيل ساج.
ومن وجهة نظره، فإن الفشل في كراود سترايك يعود لعملية التطوير غير المنضطبة والإشراف الإداري الضعيف المسؤول عن الفوضى الأخيرة.
التداعيات المستقبلية للفشل
من المرجح أن يكون الضرر المالي والسمعة المرتبط بفشل تحديث محتوى فالكون كبيرًا فبالنسبة لشركة كراود سترايك، فقدت أسهمها قدرا كبيرا من قيمتها نظرا للمخاوف المرتبطة بعواقب الحادث.
وعلى المدى الأبعد، من المرجح أن تخسر الشركة عملائها وتواجه دعاوى قضائية مرتبطة بخسارة مئات الملايين من الإيرادات وتكاليف الفرص لعملائها.
وبالنسبة للمؤسسات والمنظمات الأخرى التي تستخدم فالكون فقد تتضرر سمعتها بشكل لا يقاس ضخم وينتج عن ذلك خسارة العملاء.
وكمثال على ذلك، تواصل شركة "دلتا إيرلاينز" إعادة الركاب العالقين إلى ديارهم من مركزها في مطار أتلانتا والذي انتظر الكثير منهم ينتظرون لأيام لإعادة الحجز.
ووفقا لشركة دلتا إيرلاينز، فقد ألغت الشركة أكثر من 1100 رحلة جوية، وهي تكافح من أجل التعافي.
وألغت الشركة نحو 690 رحلة جوية وأجلت نحو 420 رحلة يوم الاثنين وحده.
وحذر وزير النقل الأمريكي شركة الطيران من التخاذل وطالبها بتقديم المساعدة الكافية ورد ثمن التذاكر لعملائها.
تكاليف انقطاع كرواد سترايك
أدى أكبر انقطاع لتكنولوجيا المعلومات في التاريخ إلى إلغاء أكثر من 5000 رحلة طيران تجارية في جميع أنحاء العالم وتعطيل الأعمال من مبيعات التجزئة وغير ذلك.
وقال دان إيفز المحلل التقني في شركة "ويدبوش" للأوراق المالية: "إذا كنت محامياً لدى شركة كراود سترايك فمن المحتمل أنك لن تستمتع ببقية فصل الصيف من كثرة المطالبات".
فاتورة بمليار دولار
يتفق الخبراء إلى حد كبير على أنه من السابق لأوانه تحديد التكلفة الحقيقية لتعطل الإنترنت العالمي يوم الجمعة لكن باتريك أندرسون الرئيس التنفيذي لمجموعة "أندرسون" وهي شركة أبحاث في ميشيجان متخصصة في تقدير التكلفة الاقتصادية للأحداث مثل الإضرابات قال إن هذه التكاليف قد تتجاوز بسهولة مليار دولار، وفق ما ذكرت شبكة سي إن إن.
وعلى الرغم من هيمنة الشركة في مجال الأمن السيبراني إلان إن إيراداتها تقل قليلاً عن 4 مليارات دولار سنوياً.
ولكن قد تكون هناك حماية قانونية للشركة في عقود عملائها لحمايتها من المسؤولية، وفقًا لأحد الخبراء.