واستشهد بما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:"اشتكتِ النار إلى ربها، فقالت: يا رَبِّ أكَلَ بعضي بعضًا، فأذِنَ لها بِنَفَسَيْنِ، نَفَسٌ في الشتاء، ونَفَسٌ في الصيف، فأشد ما تجدون من الحَرِّ من سَمُومِ جهنم، وأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم".
كما جاء في الصحيحين أيضًا من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شِدَّة الحر من فيح جهنم".
استثمار إجازة الصيف
وتابع: في حين أن الصيف يحمل في أندائه إجازة صيفية، وهَدْأة نَفْسِيَّة، إثر شواغل الحياة، وكلال المسؤوليات والمهمات، حيث يستريح في مجاليها اللاغبُ والمحرور، ويمتح المكدود من فُسْحَتِها بَرْدَ الهدأة والسرور، ورَوْح الراحة الموفور، فالبُشْرَى لِمَن عَمَرَها بالبُرور والطاعات ووشَّاها، والسُعْدى لِمَن دَبَّجَها بِخَيْرِ الخَيْرِ وغَشَّاها.وأكمل : "إنَّ الفَرَاغ نِعْمةٌ جُلَّى لا يَقْدُر قدْرَها إلا مَنْ سُلِبَها، فَأَنَّى لِعَاقِل يُبَدِّدُ الوقْت الشريف مُتَعطِّلًا، ويُمَزِّق الزّمن النَّفيس مُتبطّلًا، فَذَاك الذي أَضَاع الفُرَص؛ فَبَاء بالغُصص، واسْتَلْزَم المَقْت والنَّغَصْ، فيا مَن هم في مُنْفَسِح الفَرَاغ، أَلاَ مِنْ ضنين بأوقاتِه وسَاعاته، ألا مِن مُعْتبِرٍ بِفَوَاتِ شهوره وسَنَواته، ألا من مدكر بمرور أيامه ولحظاته".
معالي الشيخ أ.د. عبدالرحمن السديس في خطبة #الجمعة بـ #المسجد_الحرام: "أكمل الهدي، هدي نبينا محمد ﷺ، فقد كانت أوقاته خير مثال يُقتدى، وترويحه أزكى دليل يُحتذى، توسطًا واعتدالا، وسموا وكمالا". pic.twitter.com/IIL1r44gMu— الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين (@AlharamainSA) July 26, 2024
واستدل بهَدْي النبي محمّدٍ صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أوقاته خير مثالٍ يُقْتَدى، وترويحه أزكى دليل يُحتذى، توسُّطًا واعتدالًا، وسُموًّا وكمالًا، وقد كان أظهر الناس حزمًا ولُطفًا، وأوفاهم أُنسًا وعطفًا.
واستطرد في خطبته قائلًا: "مع الانْسِرَابِ في صَوَارِف الإجازة الصيفية التي تخلع على المجتمعات مظاهر البهجة والاسترواح، ومطارف الحَبْرة والانشراح، خاصة مَنْ عَزَمُوا على إقامة مناسبات الزواج والأفراح؛ فالله الله في رعاية الضوابط والآداب الشرعية في هذه المناسبات، من الاقتصاد والترشيد وحسن الطاعة، والبُعد عن الإسراف والتبذير والبذخ وسائر المعاصي، والجِدُّ في معالجة ظواهر العنوسة، وغلاء المهور، ونحوها ما يتعلق بمناسبات الأفراح".
ولفت في الوقت نفسه، بأن مع مرور الأعوام فإن قضية المسلمين الكبرى في فلسطين والأقصى المبارك تظل في وجدان الأمة شاهدًا لها على اهتمامها بالقضايا الكبرى، وإيجاد الحلول الناجعة لحلها، والنَّأي عن الصراعات والنزاعات، والعمل على إحلال السلام والاستقرار، والله المسؤول أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال، ويُحَقِّقْ للجميع فيما يُرضيه التطلعات والآمال، وأن يجعل حاضر الأيام خيرًا من ماضيها، ومستقبلها خيرًا من حاضرها".