كثيرين من الذين يرتكبون السلوكيات المشينة والمآذي، في وسائل الأعلام وشبكات التواصل، يتفاخرون بعصريتهم، يستعملون آخر صيحات التكنولوجيا، ويعتمرون ملابس «براند» ويرتادون أفخر المطاعم، لكن كل هذه المظاهر الاستعراضية، لم تمنحهم نفحاً من المروءة التي كان يتحلى بها عرب ما قبل الإسلام الذين يسموهم، بهتاناً، بـ«الجاهليين».
هؤلاء يتمتعون بثقافة استهلاكية شكلية صوتية، إذ لا يتورعون عن ارتكاب أبشع الإساءات اللفظية واختلاق القصص لتشويه الآخرين. وبعضهم أساتذة جامعات وسياسيون وبرلمانيون، يتظاهرون بالتقوى والزهد، بينما السنتهم وتغريداتهم تنضح بكل مشين يناقض الأخلاق والسلوك القويم.
هؤلاء الاستعراضيون يسخرون من «أبو جهل» (عمرو بن هشام) وهو من كرام العرب، وذنبه أنه أعرض عن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم واختار أن يموت وثنياً. لكن أبا جهل، أكثر مروءة وشرفاً من أساتذة جامعات عصريون ومدلسين مؤذين يمتهنون الشتم والاختلاق .
قصة شهيرة في سيرة أبي جهل، تتردد عبر القرون، وهي أن امرأة قد اغضبته، فلطمها، ثم أدرك خطأه، وأن ذلك يحط من مروءته، فتبعها يرجوها ألا تخبر أحداً وهو يردد «استري عليّ». ويروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم، دعا ربه أن ينصر الإسلام بأحد العمرين، عمر بن الخطاب او عمرو بن هشام (أبو جهل). لأن الاثنين يتمتعان بالهيبة والمروءة والشجاعة والحكمة والبصيرة. وشاء الله أن يختار عمر بن الخطاب، عبقري الأمة، ليكون ناصراً لدينه ولرسوله صلى الله عليه الرسول، وفاتحاً عظيماً وإداريا محنكاً.
ماذا يقول أبو جهل؟، لو كان حاضراً اليوم. حتماً سيصعق وهو يشاهد ويقرأ أساتذة جامعات، يتلون ليلياً «وصلات» من الردح والإيذاء والطعن بالأعراض، بلا حياء أو خجل.
هؤلاء المؤذون، وبعضهم يحكم رسائل ماجستير ودكتوراه ودرس مئات وآلاف الطلاب، هل يجرؤون على القول أنهم أكثر رقياً ومروءة من أبي جهل. ولو أنهم يتمتعون بجزء من مروءته لما تجرأوا على ارتكاب البذاءات.
*وتر
سلام الله على أمة المروءة
إذ تجف الينابيع، ويضحي اللغو مفاخر
والمدلسون نجوماً..
وباعة الأفك المتجولون يوزعون سمومهم
@malanzi3