- أرى الزمن نسيج وهمي يلف الجميع بأبعاد تعطي الشعور بالوجود. يسري في اتجاه واحد بثبات وبشكل آلي، لا ينتظر أحد. لا يحمل أحد. لا يؤثر في قرار أحد. لا ينزع روح أحد. لا أحد يستطيع لمسه. لا يراه الناس لكنهم استطاعوا قياسه من خلال معايير وضعوها. محسوس بسبب تعاقب الليل والنهار. قال تعالى : [وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ] الاسراء الآية12.
- الزمن هو الوحيد المتحرك في خط مستقيم إلى الأمام بدون نهاية. لا يتراجع. نجد أنفسنا شواخص ظاهرة في طريقه. نخمد وننشط وهو يسري بيننا ليلا ونهارا في الفراغ حولنا. نمارس وظائفنا في حراك مستقل عن سير تقدمه. لا نتحرك معه. ثابتين في مواقعنا المختلفة على الأرض.
- فلسفة وظيفة الزمن غير معروفة لشخصي. رغم اعتقادي بأنها «الحياة» نفسها، الناس في مادته غير المرئية تحيا وتموت. يطوي ولا يُطوى. يطوي أعمارنا بمقاساتنا البشرية.
- في الزمن نقتنص الفرصة في حينها.. إن فاتت لن تعود. هذا الزمن لا نعرف فيه نقطة نهايتنا، لكنه يجعلنا ننتظرها ونتوقعها. نعيشها لحظة الطّي. لكن لا أحد يستطيع وصفها، والكتابة عنها. ذلك عندما تلتحق الروح بسير خط الزمن، وتترك الجسم خلفها جثة هامدة.
- تنبّه البشر لأمر الزمن، فأوجدوا قياساته: «قرون، عقود، سنين، أيام، ساعات، دقائق، وثواني». كل هذا ليتنبؤوا بنهاية توقف خط زمنهم. أيضا تسجيل تاريخ نقطة التوقف في صفحات التاريخ، كصيد ثابت في حضرته. قياس الزمن هذا أطلقنا عليه علميا وعمليا مصطلح «الوقت». قالت العرب أنه من ذهب، شبهته أيضا بالسيف، إن لم تقطعه قطعك.
- بحساب عمري وفق تلك المعايير: لم أبلغ القرن بعد. لكن عشت سبعة عقود، تعادل «70» سنة. تعادل أكثر من «25» ألف يوم. تعادل حوالي «600» ألف ساعة. تعادل أكثر من «36» مليون دقيقة، تعادل مليارات من الثواني. السؤال ماذا قدمت في هذه المسافة الزمنية؟ ما هي ثمار كل هذه المسافة الزمنية؟ مهما تكن الإجابة إيجابية إلا أن هناك لوحات يصعب تحديد قراءتها. مع استعراض كل هذه الأرقام ينتابني رعب التساؤلات وأجوبتها.
- مع بداية مرحلة الشيخوخة، عرفت أن السنين هي الكيان الشخصي للفرد، بما يجني خلال جميع مراحل العمر في هذا الزمن. أن تكون ذو شأن بعملك وانجازك ومشاركتك، فهذا يعني أنك تشكل عجين الثقة في نفسك، وتقطف ثمرها في مرحلة شيخوختك.
- بقدر توظيف الفرد للوقت.. بقدر ما يكون العطاء مميزا.. وغزير الفائدة.. لكن.. بعد هروب الروح مع خط سير الزمن.. يتحول زمن هذا الفرد.. إلى رصيد في سجلات التاريخ البشري.. ليختار منها الأحياء. ويستمر الحديث.
@DrAlghadmiMH