وفيما يلي نص الحوار:
في البداية.. ما هي الأهمية التي تشكلها القيم الصحية في حياة الأطفال منذ الصغر؟
لا نختلف على أن القيم هي أكثر نظام يخاطب السلوك الإنساني ككائن اجتماعي، وتحدد أهدافه ومُثلَه العليا ومبادئه الثابتة لضمان ممارسة حياة اجتماعية سليمة.وبذلك فإن القيم هي عنصر أساسي في بناء شخصية الفرد، فالأسرة التي تحافظ على القيم والمبادئ الصحيحة سواء في الجوانب التربوية أو الصحية ينعكس ذلك إيجابًا على الأبناء في اكتساب تلك القيم، وبذلك تكون الأسرة وأطفالها مثالاً يحتذى، فغرس وتكريس القيم النافعة في نفوس الأطفال تبدأ منذالصغر.
من وجهة نظركم، ما هو دور الأسرة في غرس القيم النافعة لتعزيز صحة الأبناء؟
بالطبع غرس القيم النافعة لصحة الأبناء هي مسؤولية الأسرة في المقام الأول، فالأسرة التي تتمتع بوعي صحي كبير تدرك جيدًا السلوكيات الصحية السليمة من السلوكيات الخاطئة.ودعني في الجانب أتطرق إلى مثال، إن المشروبات الغازية غير صحية وإذا أعطت الأسرة أمثلة مرئية «مقاطع فيديو» عن الأضرار المترتبة لهذه المشروبات فإن الطفل حتما لن يفكر في تناولها، ولكن عندما نترك للطفل حرية تناولها فلن يفكر في أضرارها بل يستمتع بتناولها أكثر وأكثر، فخلاصة القول إن الأسرة هي المسؤولة عن غرس القيم الصحية.
بصفتكم طبيب أطفال، ما هي أبرز أمراض الأطفال الشائعة المرتبطة بترك قيم معينة؟
أمراض الأطفال عديدة، ولكن ما أود أن أركّز عليه هي الأمراض الشائعة المكتسبة عند الأطفال نتيجة عدة عوامل وسلوكيات مرتبطة بعدم اتباع نمط الحياةالصحي.فهناك مشكلة زيادة الوزن عند الأطفال التي للأسف تكون بعيدة عن أي اهتمام من الأسر، فعندما لايجد الطفل وتحديدًا الأطفال اليافعين والمراهقين أدنى اهتمام صحي من أسرهم فهنا يتبعون نمط حياة غيرصحي مثل الإكثار من تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والأطعمة المغلفة غير الصحية، ومع مرور الوقت تزداد أوزانهم أكثر وأكثر ويصبح مؤشر كتلة الجسم مخيفًا، ويدخل الطفل في مرحلة السمنة وتتغيرملامح جسده وشكله، ولا يتوقف الأمر إلى هنا بل يكون مهددًا بأمراض أخرى ومضاعفات خطيرة ومنها مقاومة الإنسولين ومقدمات السكري النوع الثاني المرتبط بالبدانة.
وفي حال عدم تصحيح هذه المرحلة فقد يكون عرضة للإصابة بالسكري النوع الثاني غير المعتمد على الانسولين، ومن كل ما سبق ندرك تماماً أن الوقاية تمثل خط الدفاع الأول في تجنب الأمراض المكتسبة.
ومن المخاطر التي تهدد صحة الأطفال كثرة جلوسهم واستخدامهم للأجهزة الإلكترونية وتحديدًا الألعاب الإلكترونية، وقد أثبتت الدراسات العالمية زيادة في نسبة الأطفال بأمراض ناتجة من كثرة الجلوس على الأجهزة ومنها ضعف النظر، متلازمة الرقبة النصية الناتجة عن انحناء الرقبة إلى أسفل لساعات طويلة، بجانب الصداع المزمن، التنميل في الأصابع، آلام أسفل الظهر بسبب الجلوس الطويل لساعات ممتدة، وزيادة الوزن بسبب تناول الأطعمة غير الصحية وعالية الدهون والسعرات.
وهناك أيضا السهر، فللأسف بعض الأطفال يسهرون لساعات طويلة جدًا، وبالطبع ينعكس أثر ذلك سلبًا على كل أعضاء الجسم.
يدفعني السؤال السابق إلى معرفة تأثير تلك الأمراض على النمو والتطور؟
هذا سؤال في غاية الأهمية، دعني أوضح لكم بصورة مبسطة تأثير هذه الأمراض، فكما أشرت مخاطر السمنة مرتبطة بزيادة احتمالية الإصابة بمقاومة الإنسولين ومن ثم السكري من النمط الثاني.ونأتي إلى موضوع السهر الذي له تبعات خطيرة، فالطفل الذي يسهر لساعات طويلة ويحرم نفسه من ساعات النوم الصحية وجودته بالتأكيد سيكون عرضة لمشاكل عديدة منها في حينها ومنها على المدى البعيد، فهناك العديد من الأعراض التي تحدث في وقتها بسبب الحرمان من النوم مثل تقلب المزاج، النعاس المتكرر، النوم القهري، الصداع، وغيرها.
أما على المدى البعيد وهو الأخطر فهو قصر القامة بسبب عدم حصول الطفل على هرمون النمو بالشكل الصحيح نتيجة السهر الطويل، فالسهر يمهد لاختلال جميع الهرمونات في الجسم وأهمها هرمون النمو، وهنا ندرك أهمية النوم المبكر في المحافظة على آلية عمل الهرمونات في الجسم.
ما هو تعريف السمنة عند الأطفال وأسبابها؟
السمنة تعني زيادة وزن الطفل عن الوزن الصحينسبة لطوله وسنه، وبمرور الوقت يكون الأطفال عرضة لمخاطر المشاكل الطبية التي يمكن أن تؤثر على صحتهم في المستقبل.أما عن أسبابها فيوجد العديد من الأسباب التي تجعل الأطفال يعانون من السمنة؛ ومن أهمها اختلال الطاقة أثناء الطفولة والمراهقة، حيث تتراكم الدهون الزائدة عندما يتجاوز إجمالي إنتاج الطاقة إجمالي استهلاكها، وعادة يكون هذا بسبب نمط الحياة الخاملة، وعدم كفاية النشاط البدني، ولكن هناك 5 عوامل تجعل الأطفال يعانون من السمنة المفرطة وهي:
- العوامل السلوكية: على سبيل المثال تناول الطعام بكميات كبيرة، وتناول الأطعمة المليئة بالسعرات الحرارية، وقضاء كثير من الوقت أمام الأجهزة الإلكترونية، وقلة ممارسة الأنشطة البدنية.
- العوامل البيئية: سهولة الوصول إلى الوجبات السريعة، وقلة فرص ممارسة النشاط البدني، ونقص الحدائق والملاعب في بعض المجتمعات.
- العوامل الوراثية: حيث يكون الطفل معرَّضًا لخطرالسمنة عندما يكون أحد الوالدين على الأقل يعاني منها، ومع ذلك فإن الجينات لا تعني بالضرورة أن الطفل سوف يعاني من زيادة الوزن؛ فهناك العديد من الخطوات التي يمكن للطفل اتخاذها لتقليل هذا الخطر.
- الأدوية: المنشطات وبعض مضادات الاكتئاب وغيرها.
- الحالات الطبية: الحالات الهرمونية «مثل: قصور الغدة الدرقية، ونقص هرمون النمو»، ومتلازمة تيرنر، ومتلازمة داون.
كيف يمكن لقيم الأسرة أن تسهم في الوقاية من السمنة؟
اتباع النمط الغذائي الصحي داخل المنظومة الأسرية يساعد كثيرًا في الوقاية من السمنة، بمعنى الحرص على تناول الأكل الصحي داخل البيت ففي ذلك ضمان على جودة ما يتناوله الفرد، وإن كان لابد من المطاعم فيكون مرة أو مرتين فقط شهريًا من باب تغييرالجو.كما أن حرص الأسرة جماعيًا مع الأبناء على ممارسة الرياضة يوميًا على الأقل نصف ساعة يساعد كثيرًا في المحافظة على الوزن الصحي، وهناك مماش عديدة خصصتها أمانات المدن للمشي ولممارسة أشكال من الرياضة تساعد كثيرا في المحافظة على جودة الحياة.
ما هي انعكاسات التغيرات الهرمونية على السلوك والصحة النفسية عند الأبناء؟
في مرحلة التغيرات الهرمونية والمراهقة يجب أن تكون الأسرة أقرب مع الأبناء، فهذه المرحلة تكون متقلبة في حياتهم والجميع يمر بها، فتفهم احتياجاتهم والتعامل والتحاور معهم بطريقة إيجابية يساعد بإذن الله في مرور هذه المرحلة على خير.ففي مرحلة المراهقة وبسبب التغيرات الهرمونية تزداد الكثير من المشاكل النفسية، وتجاهلهم يؤدي إلى ظهور بعض الصفات والسلوكيات غير المرغوبة مثل العناد والإصرار على بعض التصرفات وغير ذلك من الأمور السلبية.
ما هي نصائحكم للوقاية من السمنة؟
هناك نصائح عديدة لتفادي السمنة عند الأطفال أهمها مساعدتهم للحفاظ على وزن صحي، متابعة الوزن والتأكد من علامات النمو بشكل سليم حسب العمر، وموازنة السعرات الحرارية، وذلك عن طريق تناول الأطعمة التي توفر التغذية الكافية مع عدد مناسب منالسعرات الحرارية «التي يستهلكها من الأطعمة والمشروبات، مع السعرات الحرارية التي يستخدمها خلال النشاط البدني والنمو الطبيعي».إضافة إلى أن الاستمرارية في اتباع السلوكيات الصحية ونمط الحياة الصحي من جميع أفراد الأسرة ضروري للوقاية والعلاج للأطفال من السمنة أو زيادة الوزن خلال مراحل النمو.
وتشجيع الطفل على عادات الأكل الصحية عن طريق توفير الكثير من الخضروات والفواكه ومنتجات الحبوب الكاملة، وحث الطفل على شرب الكثير من الماء، والحد من المشروبات المحلاة بالسكر، الحد من استهلاك السكروالدهون المشبعة، ضرورة الحرص على ممارسة النشاط البدني وتجنب الخمول.
هل للتغذية السليمة والنشاط البدني دور في الحفاظ على صحة الأطفال؟
التغذية السليمة والنشاط البدني لهما دور كبير في المحافظة على الوزن الصحي وتجنب الأمراض، فعندما ينمو الطفل منذ سن مبكرة على أساليب صحية يصبح كل شيء لديه مثاليًا.وأهم 4 أمور أود أن أركز عليها هي: الأكل الصحي، ممارسة الرياضة، النوم الصحي، الحد من استخدام الأجهزة.
يقودني السؤال السابق إلى معروفة دور الأسرة والمجتمع في دعم هؤلاء الأطفال من الجانب القيمي
دور الأسرة والمجتمع كبيران في دعم الأطفال، ومن وجهة نظري فأن جميع الأسر تشجع وتدعم أبنائها منمرحلة الطفولة معنويًا واجتماعيًا ونفسيًا، كما أن المجتمع ومن خلال أنشطته وفعالياته المختلفة حريص على توفير جودة الحياة للأطفال، فهناك برامج عديدة متخصصة تقدم للأطفال بمختلف الشرائح العمرية، وبالتالي ينعكس دعم الأسرة والمجتمع إيجابًا على غرس القيم السليمة في نفوس الأطفال.في ختام اللقاء.. ما هي القيم الأساسية التي يجب غرسها في الأطفال منذ الصغر؟
سؤال مهم، هناك العديد من القيم الهامة التي حثنا الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم على تعليمها للأطفال وهي: التوحيد أي حب الله والاعتقاد بوحدانيته وعظمته هو أساس تعليم الإسلام ويعتبر أهم قيمة ينبغي تعليمهما للأطفال، وأيضًا الإيمان والتقوى فهذايشجع الطفل على التعلق بالقرآن والصلاة، وطلب العلم لاكتساب المعرفة والعلم والاستفادة منها في خدمة المجتمع ونفع الأمة.وبجانب ذلك الصدق والأمانة من خلال تربية الأطفال على الصدق في الأقوال والأفعال، والحفاظ على الأمانة في العهود والواجبات، وأيضًا الأخلاق والأدب فذلك يعلم الأطفال ضرورة التحلي بأخلاق حميدة وأدب جم، مثل الصدق، العفة، الصبر العطاء، وبالطبع بر الوالدين فالإسلام يحث على تعليم الأطفال قيمة العائلة واحترام الوالدين وطاعتهما، والعمل والاجتهاد، وتحمل المسؤولية والعمل بجد والاجتهاد في الدراسة والحياة والأخذ بالأسباب مع التوكل على الله، الشجاعة والصبر من أجل مواجهة التحديات والصعوبات.
وأيضا الحفاظ على البيئة، فالإسلام يعلم الأطفال على حماية البيئة والمحافظة عليها، فالحفاظ عليها من حفظ خلق الله، وتعليم الأطفال على أهمية المساهمة في تحسين المجتمع ومساعدة الفقراء والمحتاجين والتواضع والتعاون مع الآخرين وعدم التكبر، وأيضًا غرس قيم السلوكيات الصحية السليمة.