عندما أنظر خلفيِ، أرى أحداثاً كثيرة حصلت، بمشاعرها المختلفة سواءً الشخصية أو العامة؛ حياة بما تعنيه الكلمة من معنى، استفدت، تعلمت، علّمت، تغيرت، وغيّرت؛ وكان من أهمها ما اكتسبته حياتياً وعملياً، بما أنها الفترة التي تضمنت نقلتي العملية من القطاع الخاص إلى القطاع الثالث؛ الذي تعلمت فيه الكثير من الصبر، الكثير من الإنسانية، الكثير من الرحمة، الكثير من الفخر، والكثير من الخفايا التي لن تلمس حقيقتها إلا بمشاهدتها بنفسك، فما هو مفهوم توقف الزمن!
القطاع الرابح كما سُمّي مؤخراً، يحتاج إلى الحس الإنساني العالي، والاحترافية المساوية للحس، والذكاء العملي، والتحليل الحقيقي، حتى ينجح في مهمته؛ فلا مكان فيه للمتحجرة قلوبهم، ولا للباحثين فقط عن أجرٍ ماديٍ إضافي لا جهد فيه، ولا للمرددين لجملة «احمد ربك جاتك!»
الأعوام الماضية، علمتني الإنصات، علماً بأني مؤخراً احتجت للكثير من الانفجار الكلامي، بسبب كثرة الإنصات؛ بسبب الوصول الممتلئ إلى أناس ضاقت صدورهم من قلة الحيلة، ويحتاجون إلى المنصتين، هم فئة موجودة بيننا، يفصلنا عنهم جدارٌ أسمنتي، صلب وعالٍ.
ليس كلهم نهمين للخيرين أكثر من الاحتياج الفعلي الذي يبحثون عنه، وليس جميعهم أيضاً رافضين للمساعدة، علماً بأنك قد تجد حالات تستغل الخيرين بسبب شدة حاجتهم، وأنهم يعتبرونهم البوابة الوحيدة للعبور إلى الأمان، وأقصد بالتحديد، الباحثين عن الخدمات وإن تكررت من عدد من الجمعيات.
وتجد الرافضين تماماً للمساعدة، ولكنهم يوجهونك إلى غيرهم لأنهم احوج منهم؛ وتجد أيضاً من يصدمك بثقافته واطلاعه، لأن الصورة النمطية عن المستفيدين من الجمعيات، هم فئة رعوية، لا تحاول أن ترتقي بنفسها، علمياً أو عملياً، بل تكون في حالة أخذٍ دائم وانتظارٍ للعطاء.
الجمعيات تقوم بعملٍ جبار، خصوصاً مع نشأة الجمعيات المتخصصة، التي تخدم وفق اختصاصها لتحقق التكامل في هذا القطاع، لخدمة المستفيد بكل احترافية وجودة للمنتج الذي تقدمه؛ وقد يكون تحديها الرئيس في بدايتها، هو الدعم التأسيسي لها، الذي يساعدها في تجذير كيانها على أرضٍ صلبة لتقدم ما لديها من خدمة بعدها.
ونحن الآن على مسار انتهاء طريق عام 2024 وما زالت الحياة مستمرة، بالكيان الكامل، وليس لشيء منك أو أقل منه، فعندما تعلق في فترة زمنية، حل تعلقك لتسير معنا، ولتستغل حياتك بكاملها، ولتصل إلى يومٍ تستذكر فيه ما حدث، وأنت فعلياً عاصرته وعشته.
@2khwater