مع بداية الربع الرابع من عام 2019م، تحملت الدولة المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية المرخص لها بموجب ترخيص صناعي، وذلك لمدة خمس سنوات، وقبل ما يقارب العامين تم إطلاق الإستراتيجية الوطنية للصناعة، والتي تهدف إلى الوصول لاقتصاد صناعي جاذب للاستثمار، يُسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة.
في المملكة لدينا جميع الممكنات للوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام، وهذه التوجهات تعتبر انعكاس واضح لأهمية زيادة تنافسية القطاع الصناعي في المملكة والمساهمة في نموه، وتوسيع فرص العمل بالقطاع من خلال توسيع القاعدة الوظيفية فيه، بالإضافة لتعزيز توجه الصادرات السعودية غير النفطية نحو أسواق متنوعة حول العالم.
في الخمس سنوات السابقة منذ بداية قرار تحمل الدولة للمقابل المالي على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية، بادرت العديد من المنشآت الصناعية على تحسين استراتيجياتها من خلال استغلال التكنولوجيا الحديثة وتطوير العاملين فيها من خلال برامج تدريب متقدمة، وخلال تلك الفترة كانت هناك زيادة في فرص العمل بما يقارب 57%، وتحسنت معدلات التوطين بما يقارب 32%، وهذه المؤشرات المباشرة تعتبر مميزة في سوق العمل.
من وجهة نظر شخصية أرى أن هناك فرص أكبر لرفع تلك المؤشرات وتحسينها خلال الفترة القادمة، ومن أهم تلك الفرص هو التركيز على ما يسمى بـ «التدخل القطاعي» لرفع معدلات التوطين في القطاع والذي له انعكاس كبير على قطاعات أخرى، حيث أن مكرر الوظائف في القطاع الصناعي يعتبر مميزاً مقارنة بغيره من القطاعات، فالوظيفة المباشرة في القطاع الصناعي تولد ما بين ٥ إلى ١٠ وظائف في قطاعات أخرى في سوق العمل، ولذلك أنا اعتبر هذا القطاع هو المحرك الأساسي لتخفيض معدلات البطالة إلى مستهدف الرؤية 7% بحلول عام 2030م.
القطاع الصناعي من خلال «التمكين وَ التمييز» الذي يحظى به يعتبر من القطاعات الأكثر استيعاباً لدخول العمالة، وهناك العديد من الوظائف التطويرية والنوعية التي لها مسار وظيفي مميز في هذا القطاع، وأيضاً يعتبر من القطاعات التي تحتوي على فرص إحلال وظيفي واسعة، فمن خلال الاحصاءات المعلنة نجد أن هناك ارتفاع واضح بما يقارب 34.5% في اجمالي اعداد المصانع بالمملكة، وهذا النمو المميز والمتوقع ارتفاعه خلال السنوات القادمة سيساعد في دخول أعداد أكبر من العاملين فيه، ويعتبر من القطاعات الجاذبة لرفع معدلات التوطين فيه.
هناك تسارع في تغيير الكثير من نماذج الأعمال في المنشآت الصناعية، والتطورات التكنولوجية على الصعيد العالمي خاصة في القطاع الصناعي من المهم الاستعداد لها بشكل جاد، ولذلك من المهم تنمية مهارات العاملين في هذا القطاع والداخلين المحتملين له، وطالما هناك تطوير مستمر في مهارات وقدرات العاملين في هذا القطاع فلن نواجه تحديات كبيرة في فقدان الوظائف التطويرية والنوعية فيه، بل سنجد هناك ولادة لمجموعة كبيرة من الوظائف النوعية الجديدة.
ختاما.. وزارة الصناعة أمامها تحديات مقبلة من المهم تجاوزها قبل نهاية مدة تحمل الدولة المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة عن المنشآت الصناعية، والتحدي الأكبر هو كيفية جعل القطاع أكثر جذباً لاستيعاب العمالة المحلية فيه، فهل نرى خلال الفترة القادمة مبادرات مشتركة بين الوزارة وبرنامج تنمية القدرات البشرية؟