فما الحل؟!
الحل ليس بمقابلة الإساءة بالإساءة، لأنك ستقع في دوامة من الفعل ورد الفعل لن تنتهي مع الخسائر المصاحبة، ولكن الحل بمقابلة الإساءة بالإحسان والاستمرار على ذلك، فعندما قال الرجل لسيد البشرية صلى الله عليه وآله وسلم: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، كان الرد: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهُمُ الملّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك»
وكانت سيرة رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم تطبيق عملي لهذا المبدأ العظيم، فعندما صعّد المشركون ضده وضد المسلمين لحرمان البشرية من ضوء النبوة لم يصعّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
فعندما رأى المشركون أن السخرية والاستهزاء والكذب والطعن لم يجد نفعاً اجتمعوا وتشاوروا فقرروا الانتقال إلى التعذيب، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وانقض كل سيد على من اختار من عبيده طريق الإيمان، وساعدهم في ذلك الأوباش والأراذل، فجرت على المسلمين ويلات تقشعر منها الجلود.
ومن ذلك أن أبا جهل كان إذا سمع برجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه، وأوعده بإبلاغ الخسارة الفادحة في المال، والجاه، وإن كان ضعيفًا ضربه وأغرى به، وكان عم عثمان بن عفان يلفه في حصير من ورق النخيل ثم يدخنه من تحته، ولما علمت أم مصعب بن عمير بإسلامه منعته الطعام والشراب، وأخرجته من بيته، وكان من أنعم الناس عيشًا، فتَخَشَّفَ جلده تخشف الحيّة، وكان صهيب بن سنان الرومي يُعذَّب حتى يفقد وعيه ولا يدرى ما يقول.
وكان بلال مولى أمية بن خلف الجمحي، فكان أمية يضع في عنقه حبلًا، ثم يسلمه إلى الصبيان، يطوفون به في جبال مكة، ويجرونه حتى كان الحبل يؤثر في عنقه، وهو يقول : أحَدٌ أحَدٌ، وكان أمية يشده شدًا ثم يضربه بالعصا، و يلجئه إلى الجلوس في حر الشمس، كما كان يكرهه على الجوع، وأشد من ذلك كله أنه كان يخرجه إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في الرمضاء في بطحاء مكة، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره، ثم يقول: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزى، فيقول وهو في ذلك : أحد، أحد، ويقول : لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلتها.
قابل الإساءة دوماً بالإحسان، وستكون العاقبة لك، كما كانت العاقبة لهؤلاء الأبطال.
@shlash2020