كان الخروج على مثل الصور محدودا، لم نجده إلا في أعمال لإبراهيم الزيكان الذي شارك مبكرا وبشكل محدود في معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب وكانت أعماله المتأثرة بالسريالية بنفس المستوى الذي كانت عليه أعماله التي تحاكي مشاهد محلية، من أبرز أعماله عن المكان وطبيعة القصيم لوحته «المزرعة»، اسم آخر أصغر عمرا امتلك أدواته الفنية كما امتلك سعة خيال وجرأة هو خالد الصوينع «1389 -1443» الذي كانت أعماله ملفتة في قدرته على المحاكاة والخروج أحيانا الى مناطق فنية خلاف ما كان عليه عدد من زملائه، مارس الصوينع الرسم مبكرا وكان لا يتردد في العرض عندما تتاح له الفرصة ولذلك كانت له بدايات بسيطة منذ العام 1409.
استقطبت المعارض التي شهدتها منطقة القصيم الموهوبين والفنانين من أبناء المنطقة ابتداء بمعارض مكتب الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فالتجمعات الفنية التي التقت على تقديم إنتاجها في معارض مشتركة، أو ما كانت تقام في مركز صالح بن صالح الثقافي في عنيزة، وتُمنح فيها فرص المشاركة للجميع، رسم الطبيعة والمكان ببساطة لكنه سرعان ما أجاد صياغتها ومعالجتها الفنية، فقد تحولت استلهاماته للطبيعة والمكان من رسم بسيط إلى تلوين تأثيري يمنح اللون فيه قيمته التعبيرية مستفيدا من اللمسة الانطباعية وتجاور المجموعة اللونية وضربات الفرشاة وتراص البقع اللونية لتمنح تأثيرا بالمقطع، هو في تلك الأعمال المتأخرة من رسمه المستعاد أكثر غنى وهو يلون ويبني علاقات لوحته، كان خالد الصوينع ملفتا بخروجه عن الشكل الذي كان عليه زملاءه في الرسم من واقع أو لمظهر اجتماعي قديم كما هي الأدوات الشعبية أو الأبنية التقليدية الطينية أو الأسواق أو الخروج إلى الطبيعة.
كانت أعماله ملفتة في خروجها عن تلك السياقات المباشرة إلى صيغ خاصة فيها الخيال والتركيب والخروج من واقعية المشهد. يرسم عناصره بعناية كما كان ينجز لوحته التي تحاكي أو تستلهم من البيئة المحيطة، أعماله التي تستلهم من بيئته غلب عليها تأثير الفضاءات المفتوحة، كانت الصحراء كما تبدي أعماله اللاحقة مثيرا أو ملهما لتكوين مواضيعه وبعث إضافاته الخاصة وهو يؤلف عناصره وفق رؤيته أو تأثير تلك العناصر وعلاقته بها، سنشاهد كثبان رملية وأشجار ومياه راكدة ونباتات صحراوية، كما سنشاهد أعشاشا لطيور وجذور أشجار وحتى وجوه تمتزج بالرمال، مثل تلك العناصر كانت أشبه بمعطيات يبعث من خلالها أفكاره العامة أو فكرة لوحته وتوظيف أو استعارة ما كان قريبا من ابصاراته أو مخزونه البصري، وذاكرته، وتأثير تلك العناصر لتشكيل منجزه وبناء علاقاته. انتقاله إلى استلهام الحرف العربي كان شكلا جديدا ربما أكثر انفصالا عن تجربتيه السابقتين. كانت تجربة في بداياتها وربما تلتقي وبعض المنجزات المحلية أو العربية وأرى أنها بدايات لم تُستكمل وإن عرض بعضها.
تبقى تجربة الفنان خالد الصوينع غنية بقدراته الفنية وموهبته التي حفزت فيه البحث والسعي للتجاوز على مستوى منطقته على الأقل وهو يشكل مواضيعه الأكثر خيالية وتأليفا أو يرسم مشاهداته للطبيعة والمكان.
[email protected]