فالاقتصاد الأمريكي اليوم في أفضل حالاته وفق البيانات الحديثة، مخالفا لتوقعات بعض المحللين والخبراء التقليديين الذين توقعوا أن يحتاج الاقتصاد الأمريكي لمدة أطول للخروج من تبعات أزمته، ولو استجاب صناع القرارات الأمريكية لهم واستمروا في رفع أسعار الفائدة لتخطي الأزمة، لاحتاج الاقتصاد لوقت أطول للتعافي، فالسوق يلزمها نشاط وسيولة، وكان استمرار رفع سعر الفائدة سيحول دونها، وسينعكس ذلك الوضع على الاقتصاد العالمي المرتبط بالدولار الأمريكي، ولأدت تلك العدوى لركود متفاوته نسبته في أسواق العالم كله بسبب تدهور الاقتصاد الأمريكي.
ولكن الاقتصاد الأمريكي وعلى غير المتوقع وهو أمر نادر الحدوث، سجل تعافي أسرع للخروج من أزمته، ما يدل على أن أدوات القياس في التحليلات والنقاط التقليدية التي يعتمد عليها الخبراء في رصد توقعاتهم أصبحت بالية، وتشكلت أدوات وأنشطة غير تقليدية في السوق يمكن الاعتماد عليها للخروج من الأزمة ويجب الأخذ بها، فالمقاييس تغيرت والأسواق تغيرت كذلك.
وبالرجوع للسوق الأمريكية فوفقاً لبيانات وزارة العمل الأمريكية الذي نشر يوم الجمعة، فإن سوق العمل متذبذبة وسجلت تباطؤا بسبب أسعار الفائدة المرتفعة، ولكنها شهدت نموا بسبب استجابت العديد من أصحاب العمل لمرونة المستهلكين، الذين زادوا من انفاقهم في شهر يوليو حتى بعد تعديل التضخم، وعليه فقد أضاف الاقتصاد الأمريكي حوالي 142 ألف وظيفة، كما أظهرت البيانات انخفاض معدل البطالة السنوي إلى مستوى 4.2% خلال شهر أغسطس. فالوظائف باتت آمنة في الغالب، مع انخفاض معدلات تسريح العمالة إلى أدنى مستوياتها، ولكن مع تباطؤ وتيرة التوظيف، أصبح الحصول على وظيفة أكثر صعوبة، ولكن سوق العمل مستقر بشكل عام.
من جهة أخرى، يشهد التضخم تراجع مطرد مسجلا 2%، مما يشجع البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة الرئيسية من أعلى مستوى لها في 23 عاما، ويزيد تقرير الجمعة من احتمالات إعلان المركزي عن خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية عندما يجتمع في 17 و18 سبتمبر، ما يجعلنا متفائلين بشأن أزمة الغلاء التي أصابت العالم بأسره لأسباب عالمية أهمها أزمة التضخم الأمريكية.
@hana_maki00