وقالت الأستاذ المشارك بقسم الأحياء بكلية العلوم في جامعة الملك عبد العزيز، ومؤسس ورئيس وحدة المنتجات الطبيعية البحرية في مركز الملك فهد للأبحاث، الدكتورة فتون عبد الله صائغ، إن حماية طبقة الأوزون ومواجهة التغير المناخي تعد من أبرز التحديات البيئية التي يواجهها العالم.
وأشارت إلى أن العالم يحتفل في السادس عشر من شهر سبتمبر من كل عام باليوم العالمي للحفاظ على طبقة الأوزون، وذلك بهدف التوعية بأهمية هذه الطبقة في حماية الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة التي تتسبب في العديد من المشاكل الصحية والبيئية.
بروتوكول مونتريال لحماية الأوزون
وأوضحت الدكتورة فتون أن الجهود العالمية في هذا المجال قد أثمرت عن نجاحات كبيرة، خاصة من خلال بروتوكول مونتريال الذي جرى توقيعه في عام 1987، وكان له دور كبير في تقليل استخدام المواد الكيميائية المستنزفة لطبقة الأوزون مثل مركبات الكلوروفلوروكربون «CFCs».وأضافت أن هذه الجهود العالمية قد بدأت تؤتي ثمارها، إذ بدأت طبقة الأوزون في التعافي التدريجي، ومن المتوقع أن تعود إلى مستوياتها الطبيعية بحلول منتصف القرن الحالي إذا استمرت الدول في الالتزام بخططها البيئية.
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة فتون أن المملكة العربية السعودية تلعب دورًا هامًا في حماية البيئة والحفاظ على طبقة الأوزون.
وأشارت إلى أن المملكة انضمت إلى بروتوكول مونتريال في عام 1992، وبدأت منذ ذلك الحين في اتخاذ خطوات هامة للتخلص التدريجي من المواد المستنزفة للأوزون، وذلك من خلال برامج وطنية وتعاون مشترك بين وزارة البيئة والمياه والزراعة والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي.
رؤية المملكة 2030
وأوضحت الدكتورة فتون أن رؤية المملكة 2030 تدعم هذه الجهود البيئية من خلال تعزيز الابتكار في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الصديقة للبيئة.وأشارت إلى أن الحلول البيئية لمواجهة هذه التحديات تكمن في تفعيل عدة محاور أساسية، أولها هو تفعيل بروتوكول مونتريال وتطبيقاته، إذ يُعد البروتوكول واحدًا من أنجح الاتفاقيات البيئية التي ألزمت الدول الموقعة بتقليل استخدام المواد المستنزفة للأوزون مثل مركبات الكلوروفلوروكربون والهالونات، وهو ما ساهم بشكل كبير في تقليل نسبة تلك المواد في الغلاف الجوي وتعافي طبقة الأوزون.
كما أكدت على ضرورة استخدام المواد البديلة الصديقة للبيئة لتحل محل المركبات الكيميائية الضارة بطبقة الأوزون، مشيرة إلى أن هناك توجهًا عالميًا لتقليل استخدام مركبات الهيدروفلوروكربون «HFCs» التي لا تؤثر على الأوزون ولكنها تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري.
مواجهة التغير المناخي
وفيما يخص التقنيات الطبيعية، أشارت الدكتورة فتون إلى أن الحلول الطبيعية تمثل جزءًا هامًا في تقليل التغير المناخي وحماية الأوزون، إذ تلعب الطحالب دورًا كبيرًا في امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ما يساهم في تقليل الغازات الدفيئة، كما أن استعادة الغابات تسهم في امتصاص كميات هائلة من الكربون وتعمل على تنظيم المناخ.وأضافت أن الابتكارات في التكنولوجيا الخضراء، مثل استخدام الطاقة النظيفة كالطاقة الشمسية والرياح، وتقنيات التقاط وتخزين الكربون «CCS»، تعتبر خطوات أساسية في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، الذي يسهم في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
واختتمت الدكتورة فتون حديثها بالتأكيد على أهمية التوعية والتعليم البيئي، حيث يلعبان دورًا هامًا في تحفيز المجتمعات على اتخاذ خطوات فردية وجماعية لحماية البيئة.
كما شددت على ضرورة تعزيز التشريعات والسياسات الوطنية والدولية التي تحظر استخدام المواد الكيميائية المستنزفة للأوزون، وتبني التعاون الدولي لتبادل التكنولوجيا والممارسات البيئية السليمة.
الأشعة فوق البنفسجية
وأكدت أستاذ علم البيئة النباتية المشارك بجامعة الأميرة نورة د. موضي العتيبي، أن طبقة الأوزون تعمل كدرع واقٍ يحمي الكوكب من الإشعاعات الضارة التي قد تؤثر على صحة الإنسان والبيئة.وقالت: ”من دون وجود هذه الطبقة، ستتعرض الأرض لمستويات خطيرة من الأشعة فوق البنفسجية، ما يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض الجلدية المزمنة والتهاب العيون، كما يؤثر سلباً على النظام البيئي ككل“.
وأضافت أن الجهود الدولية من خلال بروتوكول مونتريال أسهمت بشكل كبير في الحد من استخدام المواد الكيميائية الضارة، مثل الكلوروفلوروكربونات «CFCs»، والتي كانت تساهم في تآكل الأوزون.
النباتات والمسطحات الخضراء
وتطرقت الدكتورة العتيبي إلى دور النباتات والمسطحات الخضراء في الحفاظ على طبقة الأوزون، موضحة أن ”النباتات لها دور مزدوج في هذه المسألة، فمن جهة تعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد الغازات الدفيئة المساهمة في الاحتباس الحراري الذي يمكن أن يؤثر على تركيبة الأوزون، ومن جهة أخرى، تعمل على تحسين جودة الهواء من خلال إنتاج الأكسجين وامتصاص الملوثات الجوية التي قد تتفاعل مع الأوزون السفلي وتسبب في تلوث الهواء وتشكيل الضباب الدخاني“.وتابعت: ”توسيع المساحات الخضراء والتشجير في المدن والمناطق الريفية يسهم في تحسين جودة الهواء والمناخ المحلي ويساعد في تخفيض درجة الحرارة، ما يقلل من الحاجة إلى استخدام أنظمة التبريد التي قد تحتوي على مواد ضارة بالأوزون، لذا فإن الحفاظ على النباتات والمسطحات الخضراء هو جزء لا يتجزأ من حماية طبقة الأوزون وضمان بيئة صحية للأجيال القادمة“.
وأوضحت الدكتورة العتيبي أن تعزيز الزراعة المستدامة والتشجير يعتبران من أهم الخطوات التي يمكن أن تتخذها الدول في إطار مكافحة تدهور طبقة الأوزون، داعية إلى مزيد من التوعية المجتمعية بأهمية الحفاظ على النباتات والمسطحات الخضراء كجزء من الحلول البيئية المتكاملة.