فالاقتصاد السياسي تحول لوظيفة اكثر من كونه منهج وانتماء أو وجهة نظر وتحليلات وتوقع، فهو مرتبط بكيفية تأثير السياسة على الاقتصاد، ومدى تأثير الاقتصاد على السياسة بطريقة مباشرة ومكشوفة، ففي الدول «المتقدمة»، فإن الاقتصاد يعتبر تأثيره أكبر في البرامج الانتخابية ويمكن أن يكون أداة ترويج فاعلة، ويمكن أن تشكل معدلات النمو أو التضخم والركود رأي مدروس للناخبين وتضمن الفوز أو الخسارة للاحزاب ذات الوجهات المتباينة والمعلن عنها، كما أن البرامج تتبنى قوانين وتشريعات كقانون الضرائب والتجارة والجمارك لدى الاحزاب المنتخبة، لذا، فإن التوجيه الاقتصادي في محطات كهذه تفرض قيمتها وقوتها في الظفر بالانتخابات، وهنا يمكننا أن ندرك مدى قدرة التلاعب ليس بالأسواق بل بالناخبين الذين سيختارون القوة والسياسة التي ستفرض على الأسواق المحلية والدولية.
ليس ببعيد أن ينصب الاقتصاد السياسي في تزكية الدول ذات الحلف الواحد وتسيدها على الاقتصاد العالمي، وإلا لماذا لا تزال الدول الأوروبية وأمريكا واليابان توضع تحت تسمية «الدول المتقدمة» على الرغم من تراجع معدلات نموها منذ سنين، وتبقى دول كالصين والهند وروسيا التي هي في حالة حرب، وعلى الرغم من معدلات النمو الكبيرة وفق تقرير صندوق النقد الدولي في آخر توقعاته، فحتى معدلات نمو اقتصاد دول الشرق الأوسط وعلى الرغم من حالة الحروب وعدم الاستقرار فهي متقدمة على أقوى دولة صناعية وهي ألمانيا التي سجلت معدل نمو العام الماضي وهذا العام بواقع -0.2%، مع توقعات نمو في العام القادم 1.3% بينما دولة تعتبر في نطاق الدول النامية كالمملكة العربية السعودية سجلت معدل نمو يعتبر طفرة من -0.8% في 2023 إلى 1.7% هذا العام مع توقع نسبة نمو العام القادم تصل إلى 4.1% ، بل حتى نيجيريا تواصل التقدم الاقتصادي لتسجل هذا العام نسبة نمو 3.1% بينما إيطاليا لاتزال تتأرجح بين 0.7% لهذا العام و0.9% متوقعة العام القادم، أما بريطانيا واليابان فقد سجلتا 0.7% هذا العام وتوقع أن يصل إلى 1% العام القادم. والقائمة تطول من أراد الاطلاع يمكنه النظر إلى بيانات مستجدات آفاق الاقتصاد العالمي 2024 آخر التوقعات.
وحين تسأل لماذا لا تزال تلك الدول تحمل مسمى الدول المتقدمة، بينما هناك دول متقدمة أكثر منها ولكنها لا تزال تحت مجموعة الدول النامية أو الواعدة، أجيبك، أنها من ثوابت الاقتصاد السياسي وحسب.
@hana_maki00