عديم التطلعات والشغف شخص ميت لا ينتج، عطّل طاقاته، منها طاقة العمل، وطاقة التعلم، وطاقة التفكير والإبداع، كيف نستثمر هذه الطاقات وغيرها؟ الأمر لا يتعلق بسنين عمر الفرد. وجدتها في شيخوختي هي نفسها في شبابي.
عندما تتحول وظيفة الفرد إلى مجرد الأكل والشرب والحفاظ على النسل، فهذا يعني أخذه بأسهل وظائفه في الحياة، حيث تستوي مع وظائف الانعام، تعيش اللحظة ومن أجلها فقط.
الذي لا يفكر في الموت بكل صنوفه وأنواعه، لا يفكر في الحياة وأهميتها ودوره فيها. السكون والجمود نقيض حياة الحراك والتفاعل. تقول العرب: في الحركة بركة.
هنا استحضر قول الخليفة أبوبكر رضي عنه: «اطلبوا الموت توهب لكم الحياة»، وصيته إلى خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، بهدف تعزيز الشجاعة وقوة الإقدام. الموت هنا يحقق حياة النصر والقوة والمنعة للبقية، لكني أراها تتحقق أيضا مع كل أنواع معارك الحياة الأخرى، منها معارك البناء والتطور، التعلم والمعرفة. جميعها أهداف عظيمة تحتاج إلى مثابرة، مدارك العقل تتوسع بها كالمطارات.
تقول العرب في وصف المثابر: استمات فلان من أجل تحقيق هدفه، أن تبذل قصارى جهدك فأنت تستميت من أجله، تتخلى عن غيره من أجل تحقيقه، وقد يكون غيره أهم، قناعات الإنسان تقوده في حال جعل لأهدافه أولوية، هكذا تكون المرجلة عند العرب.
نشأت وتربيت على هذا النوع من المرجلة، الأهم قبل المهم. نرث دقة تحديد الأهداف والانضباط والالتزام، وأيضا نورثها، هي التي تجعل الفرد أن يكون أو لا يكون أمام التحديات، بها يتم تجنب ظروف قاسية وقاهرة، أحيانا محبطة، إنه الإيمان بقيم العمل وبذل قصارى الجهد، النتائج على الله، إن تحقق هدفك فهذا رزقك وإن لم يتحقق فهو رزقك أيضا. نرتاح مع العمل ونمرض مع التقاعس.
وجدت فلسفة مقولة الخليفة أبو بكر أعلاه ترسم خارطة لمنهج حياة. وظفتها مع دراستي العليا بعد استيعابها، وظفتها أيضا في عملي ولتحقيق أهدافي، الآن أبدأ توظيفها مع شيخوختي بما يناسبها وظروفها وتطلعاتها. أعلنها.. لا توقف، نحن محاربون من المهد إلى اللحد، حتى ننجح في فهم فلسفتها يجب التعامل فكريا مع مفهوم الموت، ومعناه، ومدلوله، ومؤشراته.
البعض يكتب على نفسه انتظار الموت بأنواعه، أتعجب من الذين ينهون نشاطهم في الحياة بأيدهم، هناك من يستكن ويتوقف عن النشاط بحكم أنه متقاعد، يصبح عاجزا عن استثمار وقته، يمارس ثقافة تبذيره وهو المسؤول عنه، دور الإنسان مستدام، تقول العرب: اطلب العلم من المهد إلى اللحد، هذا مبدأ تجديد مراحل الحياة.
بعد أن أصبح لحياتي فلسفة خاصة، اعتبرت الوقاية من جميع أنواع الموت يتحقق بالتعب والمثابرة والصبر، يقول سبحانه: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ»، البلد «4»، في أحد مراحل عمري كان نومي لا يزيد عن ثلاث ساعات في اليوم والليلة.
@DrAlghamdiMH