الهلل وهو القطع المعدنية بأحجامها المختلفة كانت متنفس جميل، فمنهم من يجعلها لغز ومقياس للذكاء ! فحين تلقى العملة عالياً عليك أن تخمن وقعوها على أي اتجاه الشعار أو الأرقام وفي مشهد آخر يمكن أن تكون تلك القطعة مقياس للثبات والاتزان من خلال وضعها أعلى الجبهة وإمالة الرأس للخلف والمشي بها والفائز من يحافظ على تلك القطعة لأكبر وقت والأجمل من هذه اللعبة هي مكنون الفن الذي بداخلنا حيث نضع العملة تحت ورقة ونلونها بالقلم الرصاص لتتكون لدينا عملة طبق الأصل وهذا التجسيد كان يغمرنا بالسعادة ويشعرنا بالأنس ولا أدري هل الزهو وشعور الفرح الحقيقي هو شعار الوطن الذي استطعنا تجسيده أم هو الفخر بسعوديتنا أمامه !
وبعيداً عن ذكرياتنا الجميلة لا زلت أفكر بالحرية التي كان آباؤنا يعاملونا بها ومقدار النية الطيبة التي تغمرهم حين لم تصبنا تلك القطع بأذى كالاختناق مثلاً وأقارن حالنا بأطفال اليوم المغمورين بالحماية الزائدة تلاحقهم أعين الآباء في كل لحظة دون فائدة !! ولا أدري هل هم مغرمون بجذب الانتباه وإشغال الوالدين أم أن معيارية الاستحقاق لديهم زائدة !
أما سر استرجاع تلك الأيام فهو التزامن مع الاحتفاء باليوم الوطني 94 حيث كبرنا وكبر كل شيء حتى الشعار الذي كنا نرسمه بأناملنا الصغيرة.
ففي مشهد جميل جسد طلاب المنطقة الشرقية شعار الوطن «سيفين ونخلة» في تجمع بشري ضخم تحت شعار «لوحة وطن» وهي فعالية نظمها مكتب العمل بالتعاون مع إدارة تعليم المنطقة الشرقية على كورنيش الخبر بمشاركة بعض الجهات التي أبدت مسؤوليتها تجاه هذا الحدث الضخم.
إن الالتزام والسعادة التي أظهرها الطلاب المشاركون مؤشر في فهم أهمية التطوع وإدراكهم له، كما أن السلوكيات الجيدة التي مارسها الجميع من الحفاظ على النظافة العامة والممتلكات والانضباط والمظهر الملائم هي المواطنة الحقيقية التي نسعى لها ونشارك بها في هذا اليوم وكل يوم وهي الصورة الجميلة التي نسعى لتصديرها للعالم فلوحة وطن تحمل أكبر من معنى ومغزى وهي رسائل جميلة تتحدث في مجملها أن الوطن يستحق.
يقول فيودور دوستويفسكي ـ في رواية الفقراء :
«ويقول الناس إن الأطفال يسببون المتاعب، ولكن من الذي يقول ذلك ؟ إن الأطفال يمثلون أعظم سعادة يمكن أن يحصل عليها الناس في هذه الأرض».
@ghannia