بحكم قربي من سوق العمل أرى هناك ارتفاعا في أعداد الباحثين عن العمل من خريجي تخصص القانون، والكثير منهم يبحث عن وظيفة حتى لو كانت في غير تخصصه نتيجة لضعف فرص العمل في تخصصهم، مما يعني أن هناك «هدر لاستثمارات التعليم»، وأرى كوجهة نظر شخصية أن هناك خللا هيكليا ما بين احتياج سوق العمل وأعداد الخريجين في هذا التخصص، والأقرب لهذا الخلل هو تسرب الوظائف لخارج المملكة.
المستقبل واضح في توسع قاعدة التخصص في القانون، فسيكون هناك احتياج أكبر للقانون البيئي والقانون الدولي والقانون التجاري على سبيل المثال في ظل التطورات العالمية السريعة، ووزارة الموارد البشرية أصدرت قراراً سابقاً لتوطين مهن الاستشارات القانونية على مرحلتين لتصل إلى 70٪ من إجمالي عدد العاملين ذوي مهن الاستشارات القانونية في المنشأة، وتستهدف من القرار جميع الشركات ومكاتب المحاماة ومكاتب الاستشارات القانونية في المملكة التي يعمل بها أصحاب مهن الاستشارات القانونية، ولكن ما زالت معدلات البطالة لحملة التخصص واضحة ومرتفعة!.
ما أراه فعلياً هو أن خريجي القانون يتم «استغلالهم» بطريقة غير لائقة تحت مسميات مثل «متدرب» و»متطوع» بحجة الخبرة وبناء شبكة علاقات مهنية، وأيضاً بحجة الحصول على ترخيص المحاماة، وللأسف كثير منهم تم عرض عليه مفهوم «عمل بدون راتب = ترخيص محاماة»، والأغرب من ذلك ما تمت مناقشته في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي بأن بعض مكاتب المحاماة تطلب من «المتدرب» أن يدفع رسوم التأمينات الاجتماعية ويعمل دون أجر!، فهل هذه العلاقة تعتبر علاقة صحية ونظامية؟.
من وجهة نظري الشخصية أرى أن ملف «بطالة تخصص القانون» هو أهم ملف لدى وزارة العدل، والمسؤول الأول عنه هو وزير العدل قبل أي جهة أخرى، وقد يختلف معي البعض بأن وزارة الموارد البشرية هي المسؤولة عن ذلك بالمقام الأول، وحتى نصل لحل لهذه المشكلة بدون «رمي المسؤوليات»، فالحل هو مواجهة وزارة العدل لوزارة الموارد البشرية في هذا الملف لرسم استراتيجية واضحة تقلل تسرب الوظائف لخارج المملكة وزيادة الفرص الوظيفية لخريجي التخصص بأسرع وقت.
لا أعتقد أن هذا الموضوع حلوله صعبة أو تحتاج وقتاً طويلاً، فهناك مبادرات وقرارات لو تم تطبيقها على المدى القصير، فسيكون لها تأثير واضح على انخفاض معدلات بطالة تخصص القانون، وشخصياً أنا أميل دائماً لمبدأ «التحفيز» بدلاً من «الإلزام»، ولكن أعتقد من الحلول العاجلة إلزام المنشآت التي تقدم الخدمات القانونية والمحاماة بعدد متدربين محدد بشكل سنوي وفقاً لحجم المنشأة، وربط تسجيلهم ونظاميتهم بمنصة الأجور «مدد»، وربط تجديد الترخيص لتلك المنشآت بعدد المتدربين خلال الفترة السابقة، ومن لا يلتزم بذلك تُفرض عليه رسوم إضافية، وأيضاً اعادة النظر في آلية احتساب موظفي تخصص القانون في برنامج نطاقات ورفعها مقارنة بالتخصصات الأخرى، بالإضافة لرفع نسبة دعم أجور حملة تخصص القانون من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف».
ختاماً؛ ما ذكرته في هذا المقال سيغضب المنشآت التي تستغل حملة التخصص بحجة «ادفع لي مقابل الخبرة»، وأنا على ثقة بأن هذا الملف سيشهد تغييرا ايجابيا كبيرا بقيادة وزارة العدل في ظل وجود مخرجات تعليم مميزة من حملة تخصص القانون في المملكة.
@Khaled_Bn_Moh