سأله أحد الحاضرين: كم نسبة هؤلاء الطلبة الذين لا يستفيدون منك مع حرصك عليهم، ثمانون في المائة؟
فأجاب: لا! أعوذ بالله، لا يصلون إلى عشرة في المائة من مجموع الطلاب.
فرد عليه: احمد ربك، إذا كنت استطعت تغيير 90 بالمائة، هذا هو النجاح، بل والتميز.
أحياناً يعمينا من لم يستفد مما نقدمه، سواء من طلاب أو أبناء أو معارف، ونغفل عمن استفاد، فنُحبط ونتشاءم، مع أنك عندما تقرأ سير الناجحين تجد أن كثيراً منهم أثر تأثيراً حقيقياً في شخص أو شخصين، وبهذا الشخص بقي ذكره واستمر عمله، ورقت البشرية وتقدمت.
تذكرت بعض النوعيات الذين لا يمكن أن يستفيدون مهما قُدم له، فقد ضُرب على قلوبهم، وأنا أقرا في السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم حال أبي جهل.
فأبو جهل كان يجيئ أحيانًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع منه القرآن، وكان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم حريصاً على إسلامه حتى دعا «اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب».
وعلى الرغم من ذلك، ومع ذكاء أبي جهل وحلمه وصفاته القيادية التي جعلته «أبا الحكم»، ومع حجم ما قُدم له من لُطف واهتمام وحرص، كان يذهب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يؤمن ولا يطيع، ولا يتأدب ولا يخشى، بل ويؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقول والفعل، ويصد عن سبيل الله، ويمنع النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ أول يوم رآه من الصلاة في الحرم، ثم يذهب مختالًا بما فعل، فخورًا بما ارتكب من الشر، كأنه لم يفعل شيئاً، وفيه نزل قول الله تعالى: «فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى».
لقد حارب أبو جهل الخير طوال حياته، ومات محارباً مؤذياً متعجرفاً، ولذلك احرص على تقديم رسالتك، وركز على من يستفيد منك، ولا تذهب نفسك حسرات على من لم يكتب الله له الخير.
@shlash2020